كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

جميلاً خيراً.
قال الإستيعاب: وجهه عمر إلى الشام قاضياً ومعلماً فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين، وكان معاوية قد خالفه في شيء من مسائل الربا أنكره عليه عبادة فأغلظه معاوية في القول فقال له عبادة: لا أسكنك بأرض واحد أبداً ورحل إلى المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك فأخبره فقال: ارجع إلى مكانك فقبح الله أرضاً لست فيها ولا أمثالك، وكتب إلى معاوية: لا أمره لك عليه.
روي له مائة حديث وواحد وثمانون حديثاً أتفق منهما على ستة، وانفرد كل واحد بحدثين.
روى عنه جمع من الصحابة منهم أنس وكانت وفاته بفلسطين، وقيل: بالرملة ستة أربع وثلاثين عن ثنتين وسبعين سنة، وقبره ببيت المقدس معروف.
وإنما قال البخاري: في حق عبادة «وكان شهد بدراً» أي: غزوة بدر مع أنه شهد غيرها من المشاهد لأن غزوة بدر كانت أفضل الغزوات كما قاله البرماوي وغيره، وتسمى «بدر الكبرى وبدر العظمى» ، أما «بدر القتال» فهي قرية مشهورة نسبت إلى بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة كان نزلها.
قيل: سميت غزوة بدر لبئر هناك يسمى بدراً باسم حافره بدر بن الحارث.
وقيل: بدر بن كلدة، وقيل: كالبدر وقيل: لرؤية البدر فيه.
فائدة: قال ابن كثير (¬1) : انتصار المسلمين على الكفار في غزوة بدر في يوم يسمى يوم الفرقان، الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله ودمغ فيه الشرك وحزبه، هذا مع قلة عدد المسلمين وكثرة العدو، مع ما كانوا فيه من سوابغ الحديد والعدة الكاملة والخيل المسومة والخيلاء الزائد، فأعز الله وحيه وتنزيله وبيض وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبيله، وأخزي الشيطان وجيله، ولهذا قال الله تعالى ممتناً على عباده المؤمنين وحزبه المتقين: ?وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ? [آل عمران: 123] أي: قليل عددكم لتعلموا أن النصر هو من عند الله لا بكثرة العدد والعدد.
فقد كانت هذه الغزوة أعظم غزوات الإسلام إذ منها كان ظهوره، وبعد وقوعها أشرق على الأفاق نوره، ومن حين وقوعها أذل الله الكفار وأعز من حضرها من المسلمين فهو عنده من الأبرار، وكان خروجهم يوم السبت لثنتي عشر خلت من رمضان على رأس تسعة عشر شهراً، وكان عدد المسلمين في غزوة بدر
¬_________
(¬1) ابن كثير هو: إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن درع القرشي البصروي ثم الدمشقي، أبو الفداء، عماد الدين حافظ مؤرخ فقيه، ولد في قرية من أعمال بصرى الشام سنة 701هـ‍، وانتقل مع أخ له إلى دمشق سنة 706هـ‍، ورحل في طلب العلم، وتوفي بدمشق سنة: 774 هـ‍، تناقل الناس تصانيفه في حياته، من كتبه: البداية والنهاية في التاريخ على نسق الكامل لابن الأثير والكتاب مطبوع شائع بين الناس، وشرح صحيح البخاري لم يكمله، وله: طبقات الفقهاء الشافعيين، وتفسير القرآن الغظيم، وجامع المسانيد، واختصار علوم الحديث وهي رسالة في المصطلح شرحها أحمد محمد شاكر في كتابه الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث.

الصفحة 422