كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

ألف وأصحابه ثلاثمائة وخمسة أو سبعة عشر رجلاً فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف: «اللهم أنجز لي ما وعدتني» فأنزل الله عند ذلك: ?إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ? [الأنفال: 9] أي: فأمده الله بألف من الملائكة.
وروي أن جبريل نزل في خمسمائة وميكائيل في خمسمائة في صور الرجال، على خيل بلق عليهم ثياب بيض، وعلى رؤوسهم عمائم بيض قد أرخوا أطرافها بين أكتافهم.
وقال ابن عباس: كان سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض، ويوم حنين عمائم خضر.
وروى مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص أنه رأى عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن شماله يوم بدر رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام يقاتلان كأشد القتال (¬1) .
فلما انهزم الكفار قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من لقي العباس فلا يقتله وإنه خرج مستكرها» فلما أسره المسلمون مع جملة الأسرى السبعين وأوثقوهم في تلك الليلة، فجعل العباس يئن من شدة الوثاق، فترك النبي - صلى الله عليه وسلم -: النوم، فقيل: ما يسهرك يا رسول الله قال: «أقلقني أنين العباس فقام الرجل وأرخى وثاقه» (¬2) .
ونقل بعض أهل السير: أن العباس لما كتف وانتصف الليل وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ألماً وضراً فجعل يشتكي منه ويتضرع إلى الله، فهبط جبريل وقال: يا سيد البشر إن كنت تريد أن يزول عنك هذا البأس فسارع في حل كتاف العباس فقال: يا جبريل هو من جملة الأساري التاركين دين الإسلام فقال: جبريل بل يقول لك ربك: إنه
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه (4/1802، رقم 2306) عن سعد.
وأخرجه أيضاً: أحمد في مسنده (1/171، رقم 1468) ، وابن حبان في صحيحه (15/446، رقم 6987) ، وابن أبي شيبة في المصنف (6/376، رقم 32153) ، والشاشي في مسنده (1/185، رقم 133) ، والطيالسي في مسنده (ص 28، رقم 206) ، واللالكائي في كرامات الأولياء (ص 128، رقم 77) ، والدورقي في مسند سعد (ص 137، رقم 77) .
(¬2) أخرجه ابن سعد في الطبقات االكبرى (4/13) ، والبيهقي في السنن الكبرى (9/89، رقم 17924) عن ابن عباس.

الصفحة 424