كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

وعدنا إلى المرعى فلما كان بعد ساعة أتى إلينا أسد آخر فنفرت الأغنام منه فضرب ثلاث شياه فكسرها، فلما رآها أخي القرشي مسح بيده على ظهورها فانجبرت، وأما الأغنام فإن أمرها بالمسير سارت وإن أمرها بالوقوف وقفت.
قالت حليمة: وحصل عندنا في الحي ضجة عظيمة فقلت ما الخبر قالوا: غلام وقع في البئر ولم يقدروا على إخراجه، فجاء ولدي محمد إلى جانب البئر ومد يده فطف الماء فقبض على الغلام ونشله فإذا هو خارج البئر، فتعجب الناس من فعله وتعجبت فقال لي: يا أماه لا تعجبي كيف أنشلهم من الآبار بل تعجبي وأنا أنقذتهم غداً من النار.
وقالت حليمة رضي الله عنها: أجلست ولدي محمد تحت شجرة وقت رضاعة فتعلق ببعض الشجرة فاخضرت الشجرة بلمسه إياها - صلى الله عليه وسلم -، وكان إذا أصاب أحداً من وجع أمر يده المباركة عليها فيبرأ من ساعته، وإذا انقطع الغيث يتوسلون به فيمطرون في وقتهم وساعتهم.
وقد رعاها كثير من الأولياء والصالحين من الرجال والنساء اقتداء بالأنبياء ولبركتها وخفة مؤنتها.
قال عبد الواحد بن زيد: سألت الله ثلاث ليال أن يريني رفيقي في الجنة فقيل لي: يا عبد الواحد رفيقك ميمونة السوداء، فقلت: وأين هي؟ فقيل: في بني فلان في الكوفة فذهبت إلى الكوفة أسأل عنها فإذا هي ترعى غنماً، فأتيت إليها فإذا غنمها ترعى بين الذئاب وهي قائمة تصلي، فلما فرغت من صلاتها قالت لي: يا ابن زيد ليس هذا الموعد إنما الموعد في الجنة، فقلت لها: وما أدراك أني زيد؟ قالت: أما علمت أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، قلت لها: عظيني، فقالت: يا عجباً لواعظ يوعظ، قلت لها: ما لي أرى أغنامك بين الذئاب؟ قالت: إني أصلحت ما بيني وبين الله فأصلح الله ما بين غنمي والذئاب.
لطيفة: اتفق من الغرائب أن موسى بن عمران عليه الصلاة السلام اجتاز بعين ماء في سفح جبل فتوضأ منها، ثم ارتقى على الجبل ليصلي، إذ أقبل فارس فشرب من ماء العين وترك عندها كيساً فيه دراهم، فجاء بعده راعي الغنم فرأى الكيس فأخذه ومضى، ثم جاء بعده شيخ عليه أثر البؤس وعلى رأسه حزمة حطب فوضعها هناك واستلقى يستريح، فما كان إلا قليلاً حتى عاد الفارس يطلب كيسه فلم يجده، فأقبل على الشيخ يطالبه به ولم يزل يضربه حتى قتله، فقال موسى: يا رب كيف العدل في

الصفحة 442