كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

يسأله وألهمه سؤاله، وخلق له ما يسأله، فهو خالق السائل وسؤاله ومسؤوله، وذلك لمحبته لسؤال عبده له، ورغبتهم إليه، وطلبهم منه، وهو يغضب إذا لم يُسأل، وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالاً، وهو يحب الملحين في الدعاء كلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه فأكثروا من طلب الجنة ومن الاستعاذة من النار.
فقد ورد في حديث آخر عنه - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم سأل الله الجنة ثلاثاً إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار بالله من النار ثلاثاً قالت النار: اللهم أجره من النار» (¬1) رواه الترمذي وغيره.
وفي حديث آخر: «أكثروا مُساءلة الله الجنة واستعيذوا به من النار فإنهما شافعتان مشفعتان، وإن العبد إذا أكثر مساءلة الله الجنة، قالت الجنة: يا رب عبدك هذا الذي سألنيك فأسكنه إياي، وتقول النار: يا رب عبدك هذا الذي استعاذ بك مني فأعذه» (¬2) .
وقد كان جماعة من السلف لا يسألون الله الجنة، ويقولون: حسبنا أن يجيرنا من النار.
وجاء في حديث آخر يقول الله عز وجل: «انظروا في ديوان عبدي فمن رأيتموه سألني الجنة أعطيته، ومن استعاذني من النار أعذته» (¬3) .
وفي حديث آخر: «أطلبوا الجنة جهدكم، اهربوا من النار جهدكم، فإن الجنة لا ينام طالبها، وإن النار لا ينام هاربها، وإن الآخرة اليوم محفوفة بالمكاره، وإن الدنيا محفوفة باللذات والشهوات فلا تلهينكم عن الآخرة» (¬4) .
* * *
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي في سننه (/699، رقم 2572) عن أنس بن مالك.
قال الترمذي: هكذا روى يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق هذا الحديث عن بريد بن أبي مريم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وقد روي عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس بن مالك موقوفاً أيضاً.
وأخرجه أيضاً: أحمد في مسنده (3/155، رقم 12607) ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/717، رقم 1960) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأبو يعلى في مسنده (6/356، رقم 3682) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (4/390، رقم 1560) .
(¬2) لم نقف عليه.
(¬3) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (6/175) عن أنس بن مالك.
قال ابن رجب في التخويف من النار (ص:44) : إسناده ضعيف.
(¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (19/200، رقم 449) ، وفي المعجم الأوسط (4/73، رقم 3643) عن كليب بن حزن.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/230) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنه وفيه معلى بن الأشدق وهو ضعيف جداً.

الصفحة 473