كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

رواية: «وجعل أمته آخر الأمم وأقصر الأمم أعماراً حتى لا يطول مكثهم تحت التراب، ولا يجتمع عليهم الذنوب الكثيرة» (¬1) .
قال: ويدل على ذلك ما روي عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل - عليه السلام - عن ربه - عز وجل - قال: «إني مننت عليك بسبعة أشياء: أولها: أني لم أخلق في السماوات والأرض أكرم علي منك، والثاني: أن مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي كلهم مشتاقون إليك، والثالث: لم أعط أمتك مالاً كثيراً حتى لا يطول عليهم الحساب، والرابع: لم أطول أعمارهم حتى لا تجتمع عليهم الذنوب الكثيرة، والخامس: لم أعطهم من القوة كما أعطيت من قبلهم حتى لا يدَّعوا الربوبية كما ادعت الأمم السابقة، والسادس: أخرجهم في آخر الزمان حتى لا يطول مكثهم تحت التراب، والسابع: لا أعاقب أمتك كما عاقبت بني إسرائيل إذا أصابهم دم الحيض في ثيابهم أمرت بقطعه، ولا يجوز الغسل منه، وإذا أذنبوا ذنباً وجدوه مكتوباً على أبوابهم» (¬2) .
ومن خصائص نوح: أنه عاش هذا العمر الطويل فلم تنقص له قوة.
ومنها: أنه لم يبالغ أحد من الرسل في الدعوة مثل ما بالغ، فكان يدعو قومه ليلاً ونهاراً سراً وإعلاناً كما قال تعالى حكاية عنه {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَاراً} [نوح: 5، 6] ولم يلق نبي من الضرب والشتم وأنواع الأذى والجفاء ما لقي.
ومنها: أنه جعل ثاني النبي - صلى الله عليه وسلم - في الميثاق وفي الوحي قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ} [الأحزاب: 7] ، وقال: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] .
ومنها: أنه أول من تنشق عنه الأرض بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
ومنها: أن الله حفظه ومن معه في الفلك من الغرق، وأجراه فوق الماء وسماه عبداً
¬_________
(¬1) لم نقف على هذه الرواية.
(¬2) لم نقف عليه.

الصفحة 84