كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

شكوراً فقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} [الإسراء: 3] .
وأكرمه بالسلام والبركة فقال: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 48] .
قال بعض العلماء: دخل في ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة.
ومنها: أنه من قال حين يمسي: سلام على نوح في العالمين، لا تضرة تلك الليلة حية ولا عقرب، والسر في ذلك: أنه لما صنع السفينة وأمر أن يصنع فيها من كل زوجين اثنين، حضرت الحية والعقرب وقالا: احملنا معك فقال: لا لأنكما سبب الضر للناس، فقالا: احملنا ونحن نحلف لك أن لا نضر أحداً ذكرك في ليل أو نهار، فحلفها على ذلك. نبه على ذلك الدميري واستدل عليه بأحاديث.
وكان له من الأولاد ثلاثة سام وحام ويافث، فسام أبو العرب وفارس والروم، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج.
ويقال: لما حضرته الوفاة دعا ابنه ساماً فقال: يا بني أوصيك عن اثنين أو أنهاك عن اثنين فأما اللذان أنهاك عنهما فالإشراك بالله والكبر، فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الشرك والكبر.
وقيل: قال له: فأما اللذان أنهاك عنهما فالشرك بالله والاتكال على غير الله، وكفى بالعبد خزياً أن يتكل في حاجة على غير الله، وأما اللذان أوصيك بهما فإني رأيتهما يكثران الولوج على الله تعالى قول لا إله إلا الله، وقول سبحان الله، فإن لا إله إلا الله لو جمعت السموات السبع والأرض السبع لخرقتها حتى تبلغ إلى ربها، ولو جعلت لا إله إلا الله في كفة ميزان وجيىء بالسماوات السبع وما فيها لرجحت لا إله إلا الله، وأوصيك بسبحان الله فإنها صلاة الخلق، وبها يرزقون، فلما فرغ من وصيته أتاه ملك الموت فقال: له السلام عليك يا نبي الله فارتعد نوح منه، وقال: وعليك السلام أيها الشخص من أنت؟ فقد ارتاع قلبي منك، فقال: أنا ملك الموت قد أتيت لقبض روحك، فتغير وجهه وتلجلج لسانه، فقال له ملك الموت: ما هذا الجزع يا نوح؟ أو لم تشبع من الدنيا طول عمرك؟ فقال نوح: يا ملك الموت ما شبهت ما مضى في عمري إلا بدار لها بابان، دخلت من هذا الباب، وخرجت من الآخر، قال: فالتفت نوح عن يمينه وشماله فلم يرى أحداً من أولاده، فناوله ملك الموت كأساً فيه شراب، وقال له: اشرب هذا حتى يسكن روعك فتناوله نوح - عليه السلام - فلما استوفى الشراب خر

الصفحة 85