كتاب شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (اسم الجزء: 1)

وأما موافقته عنصر النار فقد قال السبكي: إن ناراً كانت تخرج من كهف في جبل فتحرق ما أصابت، فخرجت في زمن عمر فأمر أبو موسى الأشعري أو تميماً الدري أن يدخلها الكهف، فجعل يحبسها بردائه، حتى أدخلها الكهف فلم تخرج بعد.
قال: ولعله أراد بذلك منع أذاها.
وورد في الموطأ عن مالك بن أنس أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل رجلاً عن اسمه فقال: جمرة، فقال عمر: ابن من؟ قال: ابن شهاب فقال: ممن؟ قال: من الحرقة، فقال: واين مسكنك؟ فقال: بحرة النار، فقال: بأيها؟ قال: بذات لظى، فقال: أدرك أهلك فقد احترقوا فكان الأمر كما قال عمر - رضي الله عنه - (¬1) .
فقد وافقه عنصر النار في هذه ايضاً.
وصفته - رضي الله عنه - أنه كان طوالاً جداً، جسيماً، كث اللحية، خفيف العارضين، أصلع شديد الصلع، أعسر يسر أي: قوة يديه على السواء، وكان يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى، ثم يجمع أطرافه ويبث فكأنما خلق على ظهر فرسه، وكان يخضب بالحناء والكتم، وأنزل الله القرآن بموافقته في مواضع ستأتي في محلها، وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشهادة والجنة، وسماع سراج أهل الجنة، وأخبر أن الله جعل الحق على لسانه وقلبه، وأن رضاه عز، وغضبه عدل، وسماه عبقرياً أي: سيداً، ومحدثاً، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر» (¬2) .
¬_________
(¬1) رواه مالك في الموطأ (2/973، رقم 1753) عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب ... فذكره.
وأورد الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/539، ترجمة1300 جمرة بن شهاب) فقال: له قصة مع عمر رويناها في فوائد أبي القاسم بن بشران من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ... فذكره.
وأخرجه البخاري في صحيحه (3/1349، رقم 3486) عن أبي هريرة.
(¬2) يروى هذا الحديث عن أبي هريرة وعائشة:
أما حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري في صحيحه (3/1349، رقم 3486) ، والترمذي في سننه (5/622، رقم 3693) وقال: هذا حديث صحيح، وابن حنبل في فضائل الصحابة (1/361، رقم 529) ، وابن أبي عاصم في السنة (2/583، رقم 1261) ، واللالكائي في كرامات الأولياء (1/93، رقم 41) .
أما حديث عائشة: فأخرجه مسلم في صحيحه (4/1864، رقم 2398) ، والنسائي في السنن الكبرى (5/39، رقم 8119) ، وأحمد في مسنده (6/55، رقم 24330) ، وابن حبان في صحيحه (15/317، رقم 6894) ، والحميدي في مسنده (1/123، رقم 253) ، والخلال في السنة (2/311، رقم 387) .

الصفحة 99