كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 1)

الدَّجَاجَةُ أَوْ السِّنَّوْرُ إلَّا بَعْدَ الِانْتِفَاخِ أَوْ الِانْفِسَاخِ، فَطَهُورُ الْبِئْرِ أَنْ تُنْزَحَ، وَحَدُّ النَّزْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنْ يَغْلِبَهُ الْمَاءُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِائَتَا دَلْوٍ، فَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ سِنَّوْرٌ أَوْ فَأْرٌ أَوْ حَنَشٌ فَأُخْرِجَ ذَلِكَ وَهِيَ أَحْيَاءٌ، فَالْمَاءُ طَاهِرٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْزَحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا، فَلَوْ وَقَعَ فِيهَا كَلْبٌ أَوْ حِمَارٌ فَأُخْرِجَا حَيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَزْحِ الْبِئْرِ حَتَّى يَغْلِبَهُمْ الْمَاءُ، فَلَوْ بَالَتْ شَاةٌ فِي الْبِئْرِ وَجَبَ نَزْحُهَا حَتَّى يَغْلِبَهُمْ، قَلَّ الْبَوْلُ أَوْ كَثُرَ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَالَ فِيهَا بَعِيرٌ عِنْدَهُمْ، فَلَوْ وَقَعَ فِيهَا بَعْرَتَانِ مِنْ بَعْرِ الْإِبِلِ أَوْ بَعْرِ الْغَنَمِ لَمْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ خُرْءُ حَمَامٍ أَوْ خُرْءُ عُصْفُورٍ لَمْ يَضُرَّهُ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرٍ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهَا مَيْتَةً: فَأْرَةً أَوْ دَجَاجَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَنْفَسِخْ أَعَادَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ انْفَسَخَتْ أَعَادَ صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، فَإِنْ كَانَ طَائِرًا رَأَوْهُ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ، فَإِنْ أُخْرِجَ وَلَمْ يَتَفَسَّخْ لَمْ يُعِيدُوا شَيْئًا وَإِنْ أُخْرِجَ مُتَفَسِّخًا أَعَادُوا صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا.
فَإِنْ رُمِيَ شَيْءٌ مِنْ خَمْرٍ أَوْ دَمٍ فِي بِئْرٍ نُزِحَتْ كُلُّهَا، فَلَوْ رُمِيَ فِي بِئْرٍ عَظْمُ مَيْتَةٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لَحْمٌ أَوْ دَمٌ تَنَجَّسَتْ الْبِئْرُ كُلُّهَا وَوَجَبَ نَزْحُهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ أَوْ لَحْمٌ لَمْ تَتَنَجَّسْ الْبِئْرُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَظْمُ خِنْزِيرٍ أَوْ شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ خِنْزِيرٍ، فَإِنَّ الْبِئْرَ كُلَّهَا تَتَنَجَّسُ وَيَجِبُ نَزْحُهَا، كَانَ عَلَيْهِمَا لَحْمٌ أَوْ دَسَمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَوْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي مَاءٍ فِي طَسْتٍ وَصُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي بِئْرٍ فَإِنَّهُ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا فَقَطْ، فَلَوْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ طَاهِرٌ فِي طَسْتٍ طَاهِرٍ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَصَبَّ ذَلِكَ الْمَاءَ فِي الْبِئْرِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: قَدْ تَنَجَّسَتْ الْبِئْرُ وَتُنْزَحُ كُلُّهَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا كَمَا يُنْزَحُ مِنْ الْفَأْرَةِ الْمَيِّتَةِ، فَلَوْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ فِي خَابِيَةِ مَاءٍ فَمَاتَتْ، فَصُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي بِئْرٍ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: يُنْزَحُ مِنْهَا مِثْلُ الْمَاءِ الَّذِي رُمِيَ فِيهَا فَقَطْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُنْزَحُ الْأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ أَوْ مِنْ عِشْرِينَ دَلْوًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَوْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي خَابِيَةٍ فَرُمِيَتْ الْفَأْرَةُ فِي بِئْرٍ وَرُمِيَ الْمَاءُ فِي بِئْرٍ أُخْرَى، فَإِنَّ الْفَأْرَةَ تُخْرَجُ وَيُخْرَجُ مَعَهَا عِشْرُونَ دَلْوًا فَقَطْ وَيُخْرَجُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ الْأُخْرَى مِثْلُ الْمَاءِ الَّذِي رُمِيَ فِيهَا وَعِشْرُونَ دَلْوًا زِيَادَةً فَقَطْ، فَلَوْ أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ فَأُخْرِجَتْ وَأُخْرِجَ مَعَهَا عِشْرُونَ دَلْوًا، ثُمَّ رُمِيَتْ الْفَأْرَةُ وَتِلْكَ الْعِشْرُونَ دَلْوًا مَعَهَا فِي بِئْرٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُخْرَجُ الْفَأْرَةُ وَعِشْرُونَ دَلْوًا فَقَطْ.

قَالُوا: فَلَوْ مَاتَ فِي الْمَاءِ ضُفْدَعٌ أَوْ ذُبَابٌ أَوْ زُنْبُورٌ أَوْ

الصفحة 148