كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 1)

قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرُوِّينَا أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ أَفْتَتْ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ نَهْيِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ.
قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ فِي هَذَا مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ وَأَسْمَاءَ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ كَانَتْ لَهَا أَيَّامٌ مَعْهُودَةٌ، هَذَا نَصُّ ذَلِكَ الْخَبَرِ الَّذِي لَا يَحِلُّ أَنْ يُحَالَ عَنْهُ وَلَمْ يَأْمُرْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ مَنْ لَا أَيَّامَ لَهَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ وَالْجَمُّ الْغَفِيرُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَجَرِيرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ والدّرَاوَرْدِيُّ وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، كُلَّهُمْ رَوَوْا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ كُلُّهُمْ رَوَوْا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَالْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عُرْوَةَ كُلُّهُمْ «إذَا جَاءَتْ الْحَيْضَةُ وَإِذَا جَاءَ قُرْؤُكِ وَإذَا جَاءَ الدَّمُ الْأَسْوَدُ» دُونَ ذِكْرِ أَيَّامٍ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ وَقُتَيْبَةُ، كِلَاهُمَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «إنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الدَّمِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» فَهَذَا أَمْرٌ لِمَنْ كَانَتْ حَيْضَتُهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمِنْ يَوْمٍ وَأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا.
وَهَذِهِ كُلُّهَا فَتَاوَى حَقٍّ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا، وَلَا إحَالَةُ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ مُرَادَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَوْلِهِ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا: إنَّمَا أَرَادَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ مَقْدِمٌ كَانَ كَاذِبًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْحَدِيثِ.
وَأَمَّا خَبَرُ مُعَاذٍ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّدَفِيِّ وَهُوَ

الصفحة 408