كتاب المحلى بالآثار (اسم الجزء: 1)

شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَكَانَ إمَّا لَمْ يَزَلْ وَإِمَّا مُحْدَثًا، فَلَوْ كَانَ لَمْ يَزَلْ لَكَانَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى أَشْيَاءُ غَيْرُهُ لَمْ تَزَلْ، وَهَذَا شِرْكٌ مُجَرَّدٌ، وَلَوْ كَانَ مُحْدَثًا لَكَانَ تَعَالَى بِلَا عِلْمٍ وَلَا قُوَّةٍ، وَلَا قُدْرَةٍ وَلَا عِزٍّ وَلَا كِبْرِيَاءَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ كُلَّ ذَلِكَ وَهَذَا كُفْرٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78] وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151] وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180] فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ، وَلَا أَنْ يُخْبَرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَا أَنْ يُسَمَّى بِشَيْءٍ إلَّا مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ. وَنَقُولُ: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَكْرًا وَكَيْدًا. وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} [الأعراف: 99] وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: 16] وَكُلُّ ذَلِكَ خَلْقٌ لَهُ تَعَالَى. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة اللَّه تَعَالَى يَرَاهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]
63 - مَسْأَلَةٌ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَاهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُوَّةٍ غَيْرِ هَذِهِ الْقُوَّةِ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ثنا ابْنُ السُّلَيْمِ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا أَبُو دَاوُد ثنا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ - ثنا جَرِيرٌ وَوَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ «سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ - وَنَظَرَ إلَى الْقَمَرِ - إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقُوَّةُ لَكَانَتْ لَا تَقَعُ إلَّا عَلَى الْأَلْوَانِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] .

[مَسْأَلَة اعتقاد أَنْ اللَّه تَعَالَى كلم مُوسَى وَمنْ شَاءَ مِنْ رسله]
64 - مَسْأَلَةٌ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمَنْ شَاءَ مِنْ رُسُلِهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف: 144] {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] .

[مَسْأَلَة اعتقاد أَنْ اللَّه اتخذ إبْرَاهِيم وَمُحَمَّدًا خليلين]
65 - مَسْأَلَةٌ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلِيلَيْنِ.
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا} [النساء: 125] . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ

الصفحة 56