كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 1)

عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ.
وَالِاسْمُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي حُذِفَتْ أَعْجَازُهَا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَبُنِيَتْ أَوَائِلُهَا عَلَى السُّكُونِ وَأُدْخِلَ عَلَيْهَا مُبْتَدَأٌ بِهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ، وَيَشْهَدُ لَهُ تَصْرِيفُهُ عَلَى أَسْمَاءٍ وَأَسَامِيَّ وَسَمَّى وَسَمَّيْت، وَمَجِيءُ سَمَا كَهَدَى لُغَةً فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَا سَمَاك وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، وَمِنْ السِّمَةِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَهِيَ الْعَلَامَةُ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَوْجُودٌ لَيْسَ وُجُودُهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي وُجُودِهِ وَلَا إيجَادِ مُرَادِهِ إلَى شَيْءٍ.
وَتَاسِعُهَا نَحْوَ لَفْظِ الْجَلَالَةِ فَإِنَّهُ أُطْلِقَ عَلَى الذَّاتِ الْمُسْتَجْمِعِ لِسَائِرِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ نَحْوُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَإِضَافِيَّةٌ نَحْوُ الْخَلْقِ، وَسَلْبِيَّةٌ نَحْوُ لَيْسَ بِعَرَضٍ وَلَا جِسْمٍ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَلَمًا لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الذَّاتُ بِالذَّاتِ فَقَدْ يَقْصِدُهُ بِهِ تَبَعًا غَيْرَ الذَّاتِ كَنَحْوِ الْإِلَهِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
وَلَمْ أَرَ الثَّامِنَ وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ كَالْأَوَّلِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ سَابِقًا غَيْرَهُ وَهُوَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ، وَكَالْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ سَلْبٌ، وَمُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ إضَافَةٌ.
ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ أَقْسَامُ الِاسْمِ تِسْعَةٌ:
أَوَّلُهَا: الِاسْمُ الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ ذَاتِهِ كَسَائِرِ الْأَعْلَامِ.
ثَانِيهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَاتِهِ كَالْجَوْهَرِ لِلْجِدَارِ وَالْجِسْمِ لَهُ.
ثَالِثُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ وَالْحَارِّ وَالْبَارِدِ.
رَابِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ فَقَطْ كَالْمَعْلُومِ وَالْمَفْهُومِ وَالْمَذْكُورِ وَالْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكِ.
خَامِسُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَأَعْمَى وَفَقِيرٍ وَسَلِيمٍ عَنْ الْآفَاتِ.
سَادِسُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ كَعَالِمٍ وَقَادِرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَهَا إضَافَةٌ لِلْمَعْلُومَاتِ وَالْمَقْدُورَاتُ.
سَابِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَقَادِرٍ لَا يَعْجَزُ وَعَالِمٍ لَا يَجْهَلُ.
ثَامِنُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ صِفَةٍ إضَافِيَّةٍ مَعَ صِفَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَلَفْظَةِ أَوَّلٍ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ سَابِقًا غَيْرَهُ وَهُوَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ وَهُوَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ، وَكَالْقَيُّومِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَوْنُهُ قَائِمًا بِنَفْسِهِ: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ سَلْبٌ وَمُقَوِّمًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ إضَافَةٌ.
تَاسِعُهَا: الْوَاقِعُ عَلَى الشَّيْءِ بِحَسَبِ مَجْمُوعِ صِفَةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَإِضَافِيَّةٍ وَسَلْبِيَّةٍ كَالْإِلَهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَوْجُودًا أَزَلِيًّا وَاجِبَ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَعَلَى الصِّفَاتِ الْإِضَافِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ انْتَهَى كَذَا بِخَطِّ رم اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبُنِيَتْ أَوَائِلُهَا إلَخْ) أَيْ وُضِعَتْ سَاكِنَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مُقَابِلَ الْإِعْرَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرِ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ) أَيْ لِمَا قَالَهُ الْبَصْرِيُّونَ (قَوْلُهُ: وَأَسَامِيَّ) الْأَوْلَى عَدَمُ كِتَابَتِهِ بِالْيَاءِ، وَكَأَنَّهُ رَسَمَهُ بِهَا إظْهَارًا لِلْعَجْزِ الْمَحْذُوفِ إنْ جُعِلَ جَمْعًا لِاسْمٍ، أَمَّا إذَا جُعِلَ أَسَامِيُّ جَمْعًا لِأَسْمَاءٍ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فَرَسْمُ الْيَاءِ مُتَعَيِّنٌ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ) إنَّمَا اسْتَدَلَّ عَلَى الْأَخِيرِ دُونَ غَيْرِهِ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُقَالُ إنَّ مَجِيءَ سَمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يَدُلُّ لِجَوَازِ مَجِيئِهِ عَلَى بَعْضِ لُغَاتِ الِاسْمِ وَأَنَّ أَلِفَهُ مُبْدَلَةٌ مِنْ التَّنْوِينِ.
وَحَاصِلُ التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا ثَبَتَتْ الْأَلِفُ فِيهِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ، بَلْ كَانَ يُقَالُ مَا سُمْكَ بِضَمِّ الْمِيمِ بِلَا أَلِفٍ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ) أَيْ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ السِّمَةِ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ) وَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ بِهَا) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا: أَيْ الْأَسْمَاءِ مُبْتَدَأٌ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَتْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَسْمَاءٍ) أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ أَسْمَاوٌ، وَوَقَعَتْ الْوَاوُ مُتَطَرِّفَةً إثْرَ أَلِفٍ زَائِدَةٍ فَقُلِبَتْ هَمْزَةً وَقَوْلُهُ، وَأَسَامِي: أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ أَسَامُو قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِتُنَاسِبَ الْكَسْرَةَ (قَوْلُهُ: وَسُمَيٌّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ تَصْغِيرُ اسْمٍ: أَيْ، فَإِنَّ أَصْلَهُ سَمِيُّو اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ، وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً، وَالتَّكْسِيرُ وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا.
وَقَوْلُهُ وَسُمِّيَتْ لِبَيَانِ حَذْفِ مُطْلَقِ الْعَجُزِ، وَإِلَّا فَهَذَا التَّصْرِيفُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَائِيٌّ.
وَقَوْلُهُ: وَمَجِيءُ سُمًّا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ لُغَةٌ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الْكُوفِيُّونَ عَلَيْهِمْ فِي مَجِيئِهِ غَيْرَ سَاكِنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَالْقَلْبُ بَعِيدٌ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهِ الرَّدُّ عَلَى

الصفحة 18