كتاب نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (اسم الجزء: 1)

وَهُنَا لِلتَّجَاوُزِ وَالْإِكْثَارِ مِمَّا ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ (التَّصْنِيفُ مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ وَالْمُخْتَصَرَاتِ) فِي الْفِقْهِ وَالصُّحْبَةِ هُنَا الِاجْتِمَاعُ فِي اتِّبَاعِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَجَازًا عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِي الْعَشَرَةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ الْعِلْمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ رَحِمٌ مُتَّصِلَةٌ وَالتَّصْنِيفُ جَعَلَ الشَّيْءَ أَصْنَافًا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَالْمَبْسُوطُ مَا كَثُرَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ وَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَبْسُوطَاتِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ وَالْأَصْلِ وَقَدْ أَكْثَرَ أَصْحَابُنَا الْمُصَنَّفَاتِ الْمَبْسُوطَاتِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ مِنْ بَيَانِيَّةً، وَفِيهِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّصْنِيفَ غَيْرُ الْمَبْسُوطِ.
(وَأَتْقَنَ) أَيْ أَحْكَمَ (مُخْتَصَرَ الْمُحَرَّرِ) أَيْ الْمُهَذَّبَ الْمُنَقَّى (لِلْإِمَامِ) إمَامِ الدِّينِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْقَزْوِينِيِّ (أَبِي الْقَاسِمِ الرَّافِعِيِّ) مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ، وَرَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعَانِ مَعْرُوفَةٍ بِبِلَادِ قَزْوِينَ، وَتَكْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ لَلرَّافِعِيِّ بِأَبِي الْقَاسِمِ جَارِيَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ تَحْرِيمَهَا بِزَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى تَخْصِيصِ الرَّافِعِيِّ بِجَمْعِ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ الْيَوْمَ ظَرْفٌ بِخِلَافِ التَّصْنِيفِ (قَوْلُهُ: وَالْإِكْثَارِ مِمَّا ذُكِرَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: فِي الْفِقْهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ اهـ بَكْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَيْ لِكَوْنِ الصُّحْبَةِ عِبَارَةً عَنْ الِاجْتِمَاعِ فِي اتِّبَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَصَرُ مَا قَلَّ لَفْظُهُ وَكَثُرَ مَعْنَاهُ) أَيْ فِي الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ الْمَعَانِي قَلِيلَةً كَالْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) أَيْ الْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَةِ، لَا أَنَّهُ كَانَ صِفَةً فِي الْأَصْلِ ثُمَّ صَارَ بَدَلًا.
وَفِي ابْنِ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ قَوْلُهُ إنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ: أَيْ أَوْ بَدَلُ كُلٍّ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ إلَخْ، وَفِي كَوْنِهِ لِلِاشْتِمَالِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ يَحْتَاجُ إلَى ضَمِيرٍ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ بَدَلُ كُلٍّ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ إنْ لَمْ يُؤَوَّلْ التَّصْنِيفُ بِالْمُصَنَّفِ اهـ بِحُرُوفِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ لَمْ يُجْعَلْ إلَخْ) يُجَابُ بِحَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ الْمَبْسُوطَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَتْقَنَ مُخْتَصَرَ الْمُحَرَّرِ) أَيْ مِنْ الْمُخْتَصَرَاتِ الْمَذْكُورَةِ اهـ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ
1 -
(قَوْلُهُ: إلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ) نَعْتٌ لِرَافِعٍ، وَفِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ مَا نَصُّهُ مَعَ تَلْخِيصٍ كَثِيرٍ: رَافِعُ بْنُ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ فَاسْتَصْغَرَهُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَخَرَجَ وَشَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَيْهِ، فَكَأَنَّ رَافِعًا تَأَخَّرَ مَوْتُهُ حَتَّى قَدِمَ ابْنُ عُمَرَ الْمَدِينَةَ فَمَاتَ فَصَلَّى عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَكْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ لِلرَّافِعِيِّ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تُوُفِّيَ الرَّافِعِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَلَهُ كَرَامَاتٌ مِنْهَا أَنَّ شَجَرَةَ عِنَبٍ أَضَاءَتْ لَهُ لِفَقْدِ مَا يُسْرِجُهُ وَقْتَ التَّصْنِيفِ. وَوُلِدَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ بِنَوَى مِنْ قُرَى دِمَشْقَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَحْوِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: بِأَبِي الْقَاسِمِ) ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ بِأَبِي الْقَاسِمِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَنَّ التَّكْنِيَةَ بِأَبِي الْقَاسِمِ لَا تُحْرَمُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: جَارِيَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ) أَيْ النَّوَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ) مِنْ كَلَامِ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ لَا فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَ ظَرْفًا لِلْإِكْثَارِ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لِلتَّجَاوُزِ، وَالْإِكْثَارِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ كَمَا أَنَّهُمْ: أَيْ الْأَصْحَابَ هُنَا جَاوَزُوا الْإِكْثَارَ.
قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: فِيهِ تَأَمُّلٌ انْتَهَى.
وَأَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَ أَمْرِهِ بِالتَّأَمُّلِ أَنَّ حَلَّهُ لِلْمَتْنِ حِينَئِذٍ لَيْسَ عَلَى نَظِيرِ حَلِّهِ لِلْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَمْرًا الَّذِي هُوَ مَدْخُولُ مِنْ فِيهِ مَفْعُولًا، فَنَظِيرُهُ فِي الْمَتْنِ أَنْ يُقَالَ: تَجَاوَزُوا التَّصْنِيفَ فِي الْإِكْثَارِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى هُنَا، وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الشَّيْخِ لِتَجَاوُزِ الْإِكْثَارِ لِتَرْجِعَ إلَى عِبَارَةِ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا قَدَّمْنَاهُ، وَتَكُونُ الْكَتَبَةُ حَرَّفَتْهَا إلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي نُسَخِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى لَفْظِ فِي (قَوْلُهُ: بَدَلَ اشْتِمَالٍ) فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ تُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِ النُّحَاةِ فِي بَدَلِ الِاشْتِمَالِ، وَنَبَّهَ عَلَى بَعْضِهَا هُنَا الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ لَمْ يَجْعَلْ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ: يُجَابُ بِحَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ مِنْ تَصْنِيفِ الْمَبْسُوطَاتِ (قَوْلُهُ: الْمُهَذَّبِ الْمُنَقَّى) تَفْسِيرٌ لِلْمُحَرَّرِ

الصفحة 41