كتاب التلخيص الحبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

لَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي فَوَجَدْتُهُ سَاجِدًا رَاصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبِلًا بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ1
تَنْبِيهٌ: اسْتَدَلَّ الرَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأَصَابِعُ مَنْشُورَةً وَمَضْمُومَةً فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَصَابِعُ الْيَدَيْنِ وَلَا دَلَالَةَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُهُ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ الضَّعِيفَةِ يَقْتَضِيهِ فَتَقْيِيدُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ الصَّحِيحَةِ يَخُصُّهُ بِالرِّجْلَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَفِيهِ: وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ, وَلَمْ أَرَ ذِكْرَ الْيَدَيْنِ لِذَلِكَ صَرِيحًا نَعَمْ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ كَانَ إذَا رَكَعَ بَسَطَ ظَهْرَهُ وَإِذَا سَجَدَ وَجَّهَ أَصَابِعَهُ قبل القبلة فتفاج وفي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ.
حَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: "ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا".
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا" تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ وَفِيهِ الْأَمْرَانِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَلْبِي مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الِاعْتِدَالِ وَالرَّفْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَالَ: "ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَك حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالِسًا" وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي تَقْضِي عَلَى هَذَا الْإِمَامِ بِأَنَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْمُرَاجَعَةِ لِكُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذِكْرَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَفِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ الْقَطَّانِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَهُوَ أَيْضًا فِي بَعْضِ كُتُبِ السُّنَنِ
وَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فِي الِاعْتِدَالِ فَثَابِتٌ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَلَفْظُهُ فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إلَى مَفَاصِلِهَا وَرَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بِلَفْظِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا
قُلْتُ: ثُمَّ أَفَادَنِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ جَلَالُ الدِّينِ أَدَامَ اللَّهُ بَقَاءَهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي حَدِيثِ أَبِي
__________
1 أخرجه ابن حبان في صحيحه "5/258، 259- الإحسان"، حديث "1932"، وأخرجه أحمد "6/201"، ومسلم "2/440- نووي" كتاب الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث "486"، وأبو داود "1/232": كتاب الصلاة: باب في الدعاء في الركوع والسجود، حديث "879"، والنسائي "2/210": باب نصب القدمين في السجود، حديث "1100"، وابن ماجة "2/1262": كتاب الدعاء: باب ما تعوذ منه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حديث "3841"، والبيهقي في السنن الكبرى "1/127": باب ما جاء في الملموس.

الصفحة 621