كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 1)

166 ست وستين ومائة، ومات قاضيًا -رحمه الله- واندثر جلّ كتبه، نعم رسالته في الخراج التي ألَّفها للرشيد, طبعت بمصر فهي بأيدي الناس، وبعض كتبه ينقل جلها الإمام الشافعي في الأم وهي مطبوعة, فانظر فيها ما كان من الجدال بين ابن أبي ليلى، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، والشافعي، وكيفية الاستدلال في ذلك.
ومن مراجعاته مع الرشيد يومًا: بلغنتي أنك تقول: إن هؤلاء الذين يشهدون عندك وتقبل أقوالهم, إنما هم متصنعة، فقال: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: وكيف ذاك؟ قال: لأن من صحَّ ستره وخلصت أمانته لم يعرفنا ولم نعرفه, ومن ظهر أمره وانكشف خبره لم يأتنا ولم نقبله, وبقيت هذه الطبقة وهم هؤلاء المتصنعة الذين أظهورا الستر وأبطنوا غيره، فتبسَّم الرشيد وقال: صدقت.
وُلِدَ سنة "113", وتوفي سنة "183" ثلاث وثمانين ومائة1.
__________
1 أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري: أبو يوسف، الأنصاري الكوفي، وُلِدَ سنة 113، توفي 182 أو 192":
التاج المكلل "148"، جامع المسانيد "2/ 578"، الثقات "7/ 645"، تاريخ جرجان "487"، وفيات الأعيان "6/ 378"، سير النبلاء "8/ 535"، الأعلام "8/ 193"، والحاشية، معجم المؤلفين "13/ 240".
ترجمة محمد بن الحسن الشيباني:
ومنهم محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني:
مولاهم، نشأ بالكوفة، ثم سكن بغداد في كنف العباسيين، طلب العلم في صباه, فأخذ عن أبي حنيفة طريقته، ولم يجالسه كثيرًا لوفاة أبي حنيفة وهو حدث, فأتم الطريقة على أبي يوسف، وكان ذا عقل وفطنة, فنبغ نبوغًا كبيرًا حتى صار مرجع أهل الرأي في حياة أبي يوسف، فنشأت بينهما وحشة إلى وفاة أبي يوسف.
وقد رحل إلى المدينة وأخذ عن مالك، وله رواية خاصة في الموطأ, وموطأه التي أخذها عن مالك مشهورة1، يعقب أحاديثها بما عليه العمل عند
__________
1 طبع في لكنو بالهند سنة 297هـ، ومعه شرح لعبد الحي اللكنوي, وبهامشه شرح آخر لملا علي القاري.

الصفحة 512