كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (اسم الجزء: 1)

هل كان ابن القاسم مجتهدًا مستقلًّا:
قد اختلف فيه شيوخ تلمسان أهل المائة الثامنة, فزعم أبو زيد بن الإمام1 أن ابن القاسم مقلد لمالك، ونازعه أبو موسى عمران المشذالي البجائي2, وادَّعى أنه مطلق الاجتهاد، واحتجَّ بمخالفته مالكًا في كثير، قال: فلو قلَّده لم يخالفه, واحتجَّ أبو زيد بأن نصرًا الشرف التلمساني مثَّل لمجتهد المذهب بابن القاسم في مذهبنا، والمزني في مذهب الشافعي، ومحمد بن الحسن في مذهب أبي حنفية، فأجاب أبو عمران بأنه مثال, والمثال لا يحتج به ولا يلزم صحته، واستدلَّ ابن عبد السلام الهواري3 أيضًا على اجتهاده الطلق بنحو ما قال أبو عمران، وبحث فيه ابن عرفة4 بأن ابن القسَّام مزجي البضاعة في الحديث، وقال أبو عبد الله ابن الغازي5 بقوله: كيف يثبت الاجتهاد لشيوخه كابن عبد السلام, وينفيه عن ابن القاسم بعبارة فظيعة, مع أنه شيخ هداية المالكية.
قلت: بل المالكية في الحقيقة قاسميون, وابن عرفة نفسه قاسمي مقلد له, ومع ذلك ينفي عنه الاجتهاد، قال أحمد بابا السوداني6: والعجب من ابن عرفة يثبت الاجتهاد لابن دقيق العيد7، ونظرائه، ويقول: وفي المازري8 نظر، هل لحقه أم لا، ومعلوم أن ابن عبد السلام وابن دقيق العيد لا يبلغان درجة المازري،
__________
1عبد الرحمن بن الإمام، الديباج "1/ 486".
2 انظر نيل الابتهاج "215".
3 محمد بن عبد السلام قاضي الجماعة بتونس, الديباج "2/ 329".
4 محمد بن محمد بن عرفة الورغمي، نيل الابتهاج "274".
5 محمد بن أحمد بن محمد، نيل الابتهاج "333".
6 مؤلف نيل الابتهاج، ت سنة 1036هـ.
7 محمد بن علي بن وهب أبو الفتح.
8 محمد بن عي بن عمر.

الصفحة 517