كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 100
البقرة : ( 189 ) يسألونك عن الأهلة . . . . .
قوله سبحانه : ( يسئلونك عن الأهلة ( ، نزلت في معاذ بن جبل ، وثعلبة بن
غنمة ، وهما من الأنصار ، فقال معاذ : يا رسول الله ، ما بال الهلال يبدو مثل الخيط ، ثم
يزيد حتى يمتلئ فيستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ ، فأنزل الله عز وجل :
( يسئلونك عن الأهلة ( ) قل هي مواقيت للناس ( في أجل دينهم ، وصومهم ،
وفطرهم ، وعدة نسائهم ، والشروط التي بينهم إلى أجل ، ثم قال عز وجل :
( والحج ( ، يقول : وقت حجهم والأهلة مواقيت لهم ، وذلك قوله سبحانه : ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ( ، وذلك أن الأنصار في الجاهلية وفي الإسلام
كانوا إذا أحرم أحدهم بالحج أو بالعمرة ، وهو من أهل المدن ، وهو مقيم في أهله لم
يدخل منزله من باب الدار ، ولكن يوضع له سلم إلى ظهر البيت فيصعد فيه ، وينحدر
منه ، أو يتسور من الجدار ، وينقب بعض بيوته ، فيدخل منه ويخرج منه ، فلا يزال كذلك
حتى يتوجه إلى مكة محرما ، وإذا كان من أهل الوبر دخل وخرج من وراء بيته .
) وأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) دخل يوما نخلا لبني النجار ، ودخل معه قطبة بن عامر بن حديدة
الأنصاري من بني سلمة بن جشم من قبل الجدار ، وهو محرم ، فلما خرج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من
الباب وهو محرم ، خرج قطبه من الباب ، فقال رجل : هذا قطبة خرج من الباب وهو محرم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ' ما حملك أن تخرج من الباب وأنت محرم ؟ ' . قال : يا نبي ، رأيتك
خرجت من الباب وأنت محرم ، فخرجت معك ، وديني دينك ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
' خرجت لأني من أحمس ' ، فقال قطبة للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إن كنت أحمسيا فإني أحمسي ، وقد
رضيت بهديك ودينك ، فاستننت بسنتك ، فأنزل الله في قول قطبة بن عامر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) :
( وليس البر ( ، يعني التقوى ، ) بأن تأتوا البيوت من ظهورها ( ) ولكن البر من
اتقى ( الله واتبع أمره ، ثم قال عز وجل : ( وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا
الله ( ولا تعصوه يحذركم ) لعلكم ( ، يقول : لكي ) تفلحون ) [ آية : 189 ] ،
والحمس قريش ، وكنانة ، وخزاعة ، وعامر بن صعصعة ، الذين لا يسلون السمن ولا
يأكلون الأقط ولا يبنون الشعر والوبر .
تفسير سورة البقرة من آية [ 190 - 193 ]

الصفحة 100