كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 106
البقرة : ( 199 ) ثم أفيضوا من . . . . .
) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ( ، وذلك الحمس ، قريش ، وكنانة ،
وخزاعة ، وعامر بن صعصعة ، كانوا يبيتون بالمشعر الحرام ، ولا يخرجون من الحرم خشية
أن يقتلوا ، وكانوا لا يقفون بعرفات ، فأنزل الله عز وجل فيهم يأمرهم بالوقوف
بعرفات ، فقال لهم : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ( ، يعني ربيعة ، واليمن
كانوا يفيضون من عرفات قبل غروب الشمس ، ويفيضون من جمع إذا طلعت الشمس ،
فخالف النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الإفاضة ، ) واستغفروا الله ( لذنوبكم ، ) إن الله غفور (
لذنوب المؤمنين ، ) رحيم ) [ آية : 199 ] بهم .
البقرة : ( 200 ) فإذا قضيتم مناسككم . . . . .
) فإذا قضيتم مناسككم ( بعد أيام التشريق ، ) فاذكروا الله كذكركم
آباءكم ، وذلك أنهم كانوا إذا فرغوا من المناسك وقفوا بين مسجد منى وبين
الجبل يذكر كل واحد منهم أباه ومحاسنه ، ويذكر صنائعه في الجاهليو أنه كان من أمره
كذا وكذا ، ويدعو له بالخير ، فقال الله عز وجل : ( فإذا قضيتم مناسككم
فاذكروا الله ( ، كذكر الأبناء الآباء ، فإني فعلت ذلك الخير إلى آبائكم الذين تثنون
عليهم ، ثم قال سبحانه : ( أو أشد ( ، يعني أكثر ) ذكرا ( لله منكم لآبائكم ،
وكانوا إذا قضوا مناسكهم قالوا : اللهم أكثر أموالنا ، وأبناءنا ، ومواشينا ، وأطل بقاءنا ،
ونزل علينا الغيث ، وأنبت لنا المرعى ، وأصحبنا في سفرنا ، وأعطنا الظفر على عدونا ،
ولا يسألون ربهم عن أمر آخرتهم شيئا ، فأنزل الله تعالى فيهم : ( فمن الناس من
يقول ربنا آتنا ( ، يعني أعطنا ) في الدنيا ( ، يعني هذا الذي ذكر ، فقال سبحانه :
( وما له في الآخرة من خلاق ) [ آية : 200 ] ، يعني من نصيب ، نظيرها في براءة :
( فاستمتعوا بخلاقهم ) [ التوبة : 69 ] ، يعني بنصيبهم ، فهؤلاء مشركو العرب . فلما
أسلموا وحجوا دعوا ربهم ، فقال سبحانه :
البقرة : ( 201 ) ومنهم من يقول . . . . .
) ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) [ آية : 201 ] ، أي دعوا ربهم أن
يؤتيهم ) في الدنيا حسنة ( ، يعني الرزق الواسع ، وأن يؤتيهم ) وفي الآخرة

الصفحة 106