كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 109
يضركم إن كنت معكم أو مع غيركم ، لئن كنت معكم لا أنفعكم ، ولئن كنت مع
غيركم لا أضركم ، وإن لي عليكم لحقا لخدمتي وجواري إياكم ، فقد علمت أنكم إنما
تريدون مالي ، وما تريدون نفسي ، فخذوا مالي واتركوني وديني غير راحلة ، فإن أردت
أن ألحق بالمدينة فلا تمنعوني ، فقال بعضهم لبعض : صدق ، خذوا ماله فتعاونوا به على
عدوكم ، ففعلوا ذلك ، فاشترى نفسه بماله كله غير راحلة ، واشترط ألا يمنع عن صلاة ،
ولا هجرة .
فأقام بين أظهرهم ما شاء ، ثم ركب راحلته نهارا حتى أتى المدينة مهاجرا ، فلقيه أبو
بكر ، رضي الله عنه ، فقال : ربح البيع يا صهيب ، فقال : وبيعك لا يخسر ، فقال أبو بكر ،
رضي الله عنه : قد أنزل الله فيك : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ( ) والله رءوف بالعباد ) [ آية : 207 ] ، يعني للفعل فعل الرومي صهيب بن
سنان مولى عبد الله بن جدعان بن عمرو بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن
غالب القرشي .
قال عبد الله بن ثابت : سمعت أبي يقول : سمعت هذا الكتاب من أوله إلى آخره من
الهذيل أبي صالح ، عن مقاتل بن سليمان ببغداد درب السدرة سنة تسعين ومائة ، قال :
وسمعته من أوله إلى آخره قراءة عليه في المدينة في سنة أربع ومائتين ، وهو ابن خمس
وثمانين سنة ، رحمنا الله وإياهم .
البقرة : ( 208 ) يا أيها الذين . . . . .
) يا أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة ( ، وذلك أن عبد الله بن سلام ،
وسلام بن قيس ، وأسيد وأسد ابنا كعب ، ويامين بن يامين ، وهم مؤمنوا أهل التوراة ،
استأذنوا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في قراءة التوراة في الصلاة ، وفي أمر السبت ، وأن يعملوا ببعض ما
في التوراة ، فقال الله عز وجل : خذوا سنة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وشرائعه ، فإن قرآن محمد ينسخ
كل كتاب كان قبله ، فقال : ( ادخلوا في السلم كافة ( ، يعني في شرائع الإسلام
كلها ، ) ولا تتبعوا خطوات الشيطان ( ، يعني تزيين الشيطان ، فإن السنة الأولى
بعدما بعث محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ضلالة من خطوات الشيطان ، ) إنه لكم عدو مبين ) [ آية :
208 ] ، يعني بين .
البقرة : ( 209 ) فإن زللتم من . . . . .
) فإن زللتم ( ، يعني ضللتم عن الهدى وفعلتم هذا ) من بعد ما جاءتكم
البينات ) ، يعني شرائع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأمره ، ثم حذرهم عقوبته ، فقال : ( فاعلموا أن الله

الصفحة 109