كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 114
إلى بطن نخلة ، على اسم الله وبركته ، ولا تكرهن أحد من أصحابك على السير ، وامض
لأمري ومن اتبعك منهم ، فترصد بها عير قريش ، فلما قرأ الكتاب استرجع عبد الله ،
واتبع استرجاعه بسمع وطاعة الله عز وجل ولرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) .
ثم قال عبد الله لأصحابه : من أحب منكم أن يسير معي فليسر ، ومن أحب أن يرجع فليرجع ، وهم ثمانية رهط من المهاجرين : عبد الله بن جحش الأسدي ، وسعد بن أبي
وقاص الزهري ، وعتبة بن غزوان المزني حليف لقريش ، وأبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة
بن عبد شمس ، وسهل بن بيضاء القرشي ، ويقال : سهل من بني الحارث بن فهد ، وعامر
بن ربيعة القرشي من بني عدي بن كعب ، وواقد بن عبد الله التميمي ، فرجع من القوم
سعد ابن أبي وقاص ، وعتبة بن غزوان ، وسار عبد الله ومعه خمسة نفر وهو سادسهم ،
فلما قدموا لبطن نخلة بين مكة والطائف ، حملوا على أهل العير ، فقتلوا عمر بن الحضرمي
القرشي ، قتله واقد بن عبد الله التميمي ، رماه بسهم ، فكان أول قتيل في الإسلام من
المشركين ، وأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان مولى هشام بن
المغيرة المخزومي ، فغديا بعد ذلك في المدينة ، وأفلتهم نوفل بن عبد الله بن المغيرة
المخزومي على فرس له جواد أنثى ، فقدم مكة من الغد ، وأخبر الخبر مشركي مكة ،
وكرهوا الطلب ؛ لأنه أول يوم من رجب ، وسار المسلمون بالأسارى والغنيمة حتى
قدموا المدينة ، فقالوا : يا نبي الله ، أصبناالقوم نهارا ، فلما أمسينا رأينا هلال رجب ، فما
ندري أصبناهم في رجب أو في آخر يوم من جمادى الآخرة .
وأقبل مشركو مكة على مسلميهم ، فقالوا : يا معشر الصباة ، ألا ترون أن إخوانكم
استحلوا القتال في الشهر الحرام ، وأخذوا أسارانا وأموالنا ، وأنتم تزعمون أنكم على
دين الله ، أفوجدتم هذا في دين الله حيث أمن الخائف ، وربطت الخيل ، ووضعت الأسنة ،
وبدأ الناس لمعاشهم ، فقال المسلمون : الله ورسوله اعلم ، وكتب مسلمو مكة إلى عبد الله
بن جحش أن المشركين عابونا في القتال ، وأخذ الأسرى والأموال في الشهر الحرام ،
فاسأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ألنا في ذلك متكلم ، أو أنزل الله بذلك قرآنا ، فدفع عبد الله بن
جحش الأسدي الكتاب إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأنزل الله عز وجل : ( يسئلونك عن الشهر
الحرام ( ) قتال فيه قل قتال فيه كبير ( ، ولم يرخص فيه القتال .
ثم قال : ( وصد عن سبيل الله ) ، يعني دين الإسلام ، ) وكفر به ( أي وكفر

الصفحة 114