كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 121
البقرة : ( 229 ) الطلاق مرتان فإمساك . . . . .
ثم نسختها الآية التي بعدها ، فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة ، فبين للرجل كيف
يطلق المرأة ، وكيف تعتد ، فقال : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف ( ، يعني بإحسان ،
)( أو تسريح بإحسان ( ، يعني التطليقة الثالثة في غير ضرار ، كما أمر الله سبحانه في
وفاء المهر ، ) ولا يحل لكم ( إذا أردتم طلاقها ) أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئا ( ،
وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته ، أخرجها من بيته ، فلا يعطيها شيئا من المهر ، ثم
استثنى ورخص ، فقال سبحانه : ( إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ( ، يعني أمر الله عز
وجل فيما أمرهما ، وذلك أن تخاف المرأة الفتنة على نفسها ، فتعصى الله فيما أمرها
زوجها ، أو يخاف الزوج أن لم تطعه امرأته أن يعتدى عليها ، يقول سبحانه : ( فإن خفتم ( ، يعني علمتم ، ) ألا يقيما ( ، يعني الحاكم ، ) حدود الله ( ، يعني أمر الله في
أنفسهما إن نشزت عليه ، ) فلا جناح عليهما ( ، يعني الزوج والزوجة ، ) فيما افتدت به ( من شيء ، يقول : لا حرج عليهما إذا رضيا أن تفتدى منه ويقبل منها الفدية ثم
يفترقا ، وكانت نزلت في ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري من بني الحارث بن
الخزرج ، وفي امرأته أم حبيبة بنت عبد الله بن أبي رأس المنافقين ، وكان أمهرها حديقة
فردتها عليه ، واختلعت منه ، فهي أول خلعة كانت في الإسلام ، ثم قال : ( تلك حدود الله ( ، يعني أمر الله فيهما ، ) فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله ( ، يقول : ومن يخالف أمر
الله إلى غيره ، ) فأولئك هم الظالمون ) [ آية : 229 ] لأنفسهم .
البقرة : ( 230 ) فإن طلقها فلا . . . . .
ثم رجع إلى الآية الأولى في قوله : ( الطلاق مرتان ( ) فإن طلقها ( بعد التطليقتين
تطليقة أخرى ، سواء أكان بها حبل أم لا ، ) فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره (
فيجامعها ، فنسخت هذه الآية الآية التي قبلها في قوله عز وجل ) وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ( ، ونزلت ) فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ( في تميمة بنت وهب بن
عتيك النقرى ، وفي زوجها رفاعة بن عبد الرحمن بن الزبير ، وتزوجها عبد الرحمن بن

الصفحة 121