كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 131
سكينة من ربكم ( ، ورأس كرأس الهرة ، ولها جناحان ، فإذا صوتت عرفوا أن
النصر لهم ، فكانوا يقدمونها أمام الصف ، ) وبقية مما ترك ءال موسى وءال
هارون ( ، يعني بالبقية رضراضا من الألواح وقفير من في طست من ذهب وعصا
موسى ، عليه السلام ، وعمامته ، وكان التابوت يكون مع الأنبياء إذا حضروا القتال
قدموه بين أيديهم يستفتحون به على عدوهم ، فلما تفرقت بنو إسرائيل وعصوا الأنبياء ،
سلط الله عز وجل عليهم عدوهم ، فقتلوهم وغلبوهم على التابوت ، فدفنوه في مخرأة
لهم ، فابتلاهم الله عز وجل بالبواسير ، فكان الرجل إذا تبرز عند التابوت أخذه الباسور ،
ففشى ذلك فيهم فهجروه ، فقالوا : ما ابتلينا بهذه إلا بفعلنا بالتابوت ، فاستخرجوه ، ثم
وجهوه إلى بني إسرائيل على بقرة ذات لبن ، وبعث الله عز وجل الملائكة ، فساقوا
العجلة ، فإذا التابوت بين أظهرهم ، فذلك قوله سبحانه ، ) تحمله الملائكة ( ، يعني
تسوقه الملائكة ، ) إن في ذلك ( ، يعني في رد التابوت ، ) لآية لكم إن كنتم
مؤمنين ) [ آية : 248 ] ، يعني مصدقين بأن طالوت ملكه من الله عز وجل .
وكان التابوت من عود الشمشار التي تتخذ منه الأمشاط الصفر مموه بالذهب ، فلما
رأوا التابوت أيقنوا بأن ملك طالوت من الله عز وجل ، فسمعوا له وأطاعوا ، وكان
موسى عليه السلام ، ترك التابوت في التيه قبل موته عند يوشع بن نون ، ثم إن طالوت
تجهز لقتال جالوت ، وقال النبي إسماعيل لطالوت : إن الله عز وجل سيبعث رجلا من
أصحابك فيقتل جالوت ، وأعطاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) درعا ، فقال لطالوت : من صلحت هذه
الدرع عليه ، لم تقصر عليه ، ولم تطل ، فإنه قاتل جالوت ، فاجعل لقاتله نصف ملكك
ونصف مالك .
فبلغ ذلك داود النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يرعى الغنم في الجبل فاستودع غنمه ربه جل وعز ،
فقال : آتي الناس وأطالع أخوتي ، وهم سبعة من طالوت ، وانظر ما هذا الخبر ، فمر داود ،
عليه السلام ، على حجر ، فقال : يا داود خذني ، فأنا حجر هارون الذي به قتل كذا
وكذا ، فارم بي جالوت الجبار ، فأقع في بطنه ، فأنفذ من جانبه الآخر ، فأخذه فألقاه في
مخلاته ، ثم مر بحجر آخر ، فقال له : يا داود خذني ، فأنا حجر موسى الذي قتل بي كذا
وكذا ، فارم بي جالوت ، فأقع في قلبه فأنفذ من الجانب الآخر ، فألقاه في مخلاته ، ثم مر
بحجر آخر ، فقال : يا داود خذني ، فأنا الذي أقتل جالوت الجبار ، فأستعين بالريح فتلقى
البيضة فأقع في دماغه فأقتله ، فأخذه فألقاه في مخلاته .