كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 137
كان لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب ، فلما أسلمت العرب طوعا وكرها قبل الخراج ،
من غير أهل الكتاب ، فكتب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المنذر بن ساوى ، وأهل هجر ، يدعوهم إلى
الإسلام ، فكتب : ' من محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أهل هجر ، سلام على من اتبع الهدى ،
أما بعد : إن من شهد شهادتنا ، وأكل من ذبيحتنا ، واستقبل قبلتنا ، ودان بديننا ، فذلك
المسلم الذي له ذمة الله عز وجل ، وذمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فإن أسلمتم فلكم ما أسلمتم
عليه ، ولكم عشر التمر ، ولكم نصف عشر الحب ، فمن أبى الإسلام ، فعليه الجزية ' .
فكتب المنذر إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إني قرأت كتابك إلى أهل هجر ، فمنهم من أسلم ،
ومنهم من أبى ، فأما اليهود والمجوس ، فأقروا بالجزية ، وكرهوا الإسلام ، فقبل النبي ( صلى الله عليه وسلم )
منهم بالجزية . فقال منافقوا أهل المدينة : زعم محمد أنه لم يؤمر أن يأخذ الجزية إلا من
أهل الكتاب ، فما باله قبل من مجوس أهل هجر ، وقد أبى ذلك على آبائنا وإخواننا حتى
قاتلهم عليه ، فشق على المسلمين قولهم ، فذكروه للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأنزل الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ( آخر الآية [ المائدة : 105 ] ، وأنزل الله عز وجل :
( لا إكراه في الدين ( بعد إسلام العرب .
قد تبين الرشد من الغي ( ، يقول : قد تبين الضلالة من الهدى ، ) فمن يكفر
بالطاغوت ( ، يعني الشيطان ، ) ويؤمن بالله ( ، بأنه واحد لا شريك له ، ) فقد
استمسك بالعروة الوثقى ( ، يقول : أخذ الثقة ، يعني الإسلام ، التي ) لا انفصام لها ( ،
يقول : لا انقطاع له دون الجنة ، ) والله سميع ) ) لقولهم ( ( عليم ) [ آية : 265 ] به .
تفسير سورة البقرة آية [ 257 ] .
البقرة : ( 257 ) الله ولي الذين . . . . .
) والله ولي الذين ءامنوا ( ، يعني ولي المؤمنين بالله عز وجل ، ) يخرجهم من
الظلمات إلى النور ( ، يعني من الشرك إلى الإيمان ، نظيرها في إبراهيم : ( أن أخرج
قومك من الظلمات إلى النور ) [ إبراهيم : 5 ] ؛ لأنه سبق لهم السعادة من الله تعالى في
علمه ، فلما بعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، أخرجهم الله سبحانه من الشرك إلى الإيمان ، ثم قال :
( والذين كفروا ( ، يعني اليهود ، ) أولياؤهم الطاغوت ( ، يعني كعب بن