كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 140
) وشرابك ( ، يعني العصير ، ) لم يتسنه ( ، يقول لم يتغير طعمه بعد مائة عام ،
نظيرها في سورة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه (
[ محمد : 15 ] ، فقال : سبحان الله ، كيف لم يتغير طعمه ؟ .
ونظر إلى حماره ، وقد ابيضت عظامه ، وبليت وتفرقت أوصاله ، فنودي من السماء :
أيتها العظام البالية اجتمعي ، فإن الله عز وجل منزل عليك روحا ، فسعت العظام بعضها ،
إلى بعض ، الذراع إلى العضد ، والعضد إلى المنكبين والكتف ، وسعت الساق إلى
الركبتين ، والركبتان إلى الفخذين ، والفخذان إلى الوركين ، والتصق الوركان بالظهر ، ثم
وقع الرأس على الجسد ، وعزير ينظر ، ثم ألقى على العظام العروق والعصب ، ثم رد عليه
الشعر ، ثم نفخ في منخره الروح ، فقام الحمار ينهق عند رأسه ، فاعلم كيف يبعث أهل
هذه القبور بعد هلاكهم وبعث حماره بعد مائة عام كما لم يتغير طعامه وشرابه ، وبعث
بعد طوال الدهر ليعتبر بذلك ، فذلك قوله سبحانه : ( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ( ، يعني لم يتغير طعمه ، كقوله في سورة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من ماء غير آسن ( .
) وانظر إلى حمارك ولنجعلك ءاية للناس ( ، يعني عبرة ؛ لأنه بعثه شابا بعد
مائة سنة ، ) وانظر إلى العظام ( ، يعني عظام الحمار ، ) كيف ننشزها ( ،
يعني نحييها ، نظيرها : ( أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ) [ الأنبياء : 21 ] ،
يعني يبعثون الموتى ، ) ثم نكسوها لحما فلما تبين له ( ، يعني لعزير كيف يحيي الله
الموتى ، خر لله ساجدا ، ) قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) [ آية : 259 ] ، يعني
من البعث وغيره ، فرجع عزير إلى أهله ، وقد هلكوا ، وبيعت داره وبنيت فردت عليه ،
وانتسب عزير إلى أولاده ، فعرفوه وعرفهم ، وأعطى عزير العلم من بعد ما بعث بعد مائة
عام .
تفسير سورة البقرة آية [ 260 ]
البقرة : ( 260 ) وإذ قال إبراهيم . . . . .
) وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى ( ، وذلك أنه رأى جيفه حمار على
شاطئ البحر تتوزعه دواب البر والبحر والطير ، فنظر إليها ساعة ، ثم قال : ( رب أرني
كيف تحي الموتى ( ) قال أولم تؤمن ( يا إبراهيم ، يعني قال : أو لم تصدق بأني