كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 144
تفسير سورة البقرة آية [ 266 ]
البقرة : ( 266 ) أيود أحدكم أن . . . . .
) أيود أحدكم أن تكون له جنة ( ، هذا مثل ضربه عز وجل لعمل الكافر ، جنة
) من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء ( ، يعني عجزة لا حيلة لهم ، ) فأصابها إعصار فيه نار ( ، يعني ريح
فيها نار ، يعني فيها سموم حارة ، ) فاحترقت ( ، يقول : مثل الكافر كمثل شيخ كبير له
بستان فيه من كل الثمرات ، وله ذرية أولاد صغار ، يعني عجزة لا حيلة لهم ، فمعيشته
ومعيشة ذريته من بستانه ، فأرسل الله عز وجل على بستانه السموم الحارة ، فأحرقت
بستانه ، فلم يكن له قوة من كبره أن يدفع عن جنته ، ولم تستطع ذريته الصغار أن يدفعوا
عن جنتهم التي كانت معيشتهم منها حين احترقت ، ولم يكن للشيخ قوة أن يغرس مثل
جنته ، ولم يكن عند ذريته خير ، فيعودون به على أبيهم عندما كان أحوج إلى خير
يصيبه ، ولا يجد خيرا ، ولا يدفع عن نفسه عذابا ، كما لم يدفع الشيخ الكبير ، ولا ذريته
عن جنتهم شيئا حين احترقت ، ولا يرد الكافر إلى الدنيا فيعتب ، كما لا يرجع الشيخ
الكبير شابا ، فيغرس جنة مثل جنته ، ولم يقدم لنفسه خيرا ، فيعود عليه في الآخرة ، وهو
أحوج ما يكون إليه كما لم يكن عند والده شيئا فيعودون به على أبيهم ، ويحرم الخير في
الآخرة عند شدة حاجته إليه ، كما حرم جنته عندما كان أحوج ما يكون إليها عند كبر
سنة وضعف ذريته ، ) كذلك ) ، يعني هكذا ) يبين الله لكم الآيات ( ، يعني
يبين الله أمره ، ) لعلكم ( ، يقول : لكي ) تتفكرون ) [ آية : 266 ] في أمثال الله عز
وجل فتعتبروا .
تفسير سورة البقرة آية [ 267 ]
البقرة : ( 267 ) يا أيها الذين . . . . .
) يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ( ، يقول : أنفقوا من الحلال مما
رزقناكم من الأموال الفضة والذهب وغيره ، ) ومما أخرجنا لكم من الأرض ( ، وأنفقوا
من طيبات الثمار والنبات ، وذلك أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أمر الناس بالصدقة قبل أن تنزل آية

الصفحة 144