كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 151
الله ربه ولا يبخس منه شيئا ( ، يعني ولا ينقص المطلوب من الحق شيئا ، كقوله عز
وجل : ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) [ الأعراف : 85 ] .
) فإن كان الذي عليه الحق سفيها ( ، يعني جاهلا بالإملاء ، ) أو ضعيقا ( ، يعني
أو عاجزا أو به حمق ، ) أو لا يستطيع أن يمل هو ( ، لا يعقل الإملاء لعيه ، أو لخرسه ،
أو لسفهه ، ثم رجع إلى الذي له الحق ، فقال سبحانه : ( فليملل وليه ( ، يعني ولي
الحق ، فليملل هو ) بالعدل ( ، يعني بالحق ، ولا يزداد شيئا ولا ينقص ، كما قال
للمطلوب قبل ذلك ، وأمر كليهما بالعدل ، ثم قال سبحانه : ( واستشهدوا ( على
حقكم ) شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من
الشهداء ( ، يقول : ولا يشهد الرجل على حقه إلا مرضيا إن كان الشاهد رجلا أو
امرأة .
ثم قال : ( أن تضل ( المرأة ، يعني أن تنسى ) إحداهما ) ) الشهادة ( ( فتذكر
إحداهما ) ) الشهادة ( ( الأخرى ( ، يقول : تذكرها المرأة الأخرى التي حفظت
شهادتهما ، ثم قال سبحانه : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ( ، يقول : إذا ما دعى الرجل
ليستشهد على أخيه ، فلا يأب إن كان فارغا ، ثم قال : ( ولا تسئموا ( ، يقول : ولا
تملوا ، وكل شيء في القرآن تسأموا ، يعني تملوا ، ) أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا ( ،
يعني قليل الحق وكثيره ، ) إلى أجله ( ؛ لأن الكتاب أحصى للأجل وأحفظ للمال ،
)( ذلكم ( ، يعني الكتاب ، ) أقسط ( ، يعني أعدل ) عند الله وأقوم ( ، يعني أصوب
) للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ( ، يعني وأجدر ألا تشكوا ، نظيرها : ( ذلك أدنى أن يأتوا
بالشهادة ) [ المائدة : 108 ] ، أي أجدر ، ونظيرها في الأحزاب : ( ذلك أدنى ( ، يعني
أجدر ) أن تقر أعينهن ) [ الأحزاب : 51 ] ، في الحق والأجل والشهادة إذا كان
مكتوبا .
ثم رخص في الاستثناء ، فقال : ( إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم ( ،
وليس فيها أجل ، ) فليس عليكم جناح ( ، يعني حرج ، ) ألا تكتبوها ( ، يعني التجارة
الحاضرة ، إذا كانت يدا بيد على كل حال ، ) وأشهدوا ( ، على حقكم ) إذا
تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد ( ، يقول : لا يعمد أحدكم إلى الكاتب والشاهد
فيدعوهما إلى الكتابة والشهادة ولهما حاجة ، فيقول : اكتب لي ، فإن الله أمرك أن تكتب

الصفحة 151