كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 344
) وللدار الآخرة خير ( ، يثنى على الجنة ، يقول : ولدار الجنة أفضل من الدنيا ، ) للذين يتقون ( الشرك ، ) أفلا ( ، يعني فهلا ) تعقلون ) [ آية : 32 ] أن الدار الآخرة أفضل
من الدنيا ؛ لأنها بعد دار الدنيا ، وإنما سميت الدنيا ؛ لأنها أدنى إلينا من دار الآخرة .
الأنعام : ( 33 ) قد نعلم إنه . . . . .
) قد نعلم إنه يحزنك الذي يقولون ( ، نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد
مناف بن قصى ، كان الحارث يكذب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في العلانية ، فإذا خلا مع أهل ثقته ،
قال : ما محمد من أهل الكذب ، وإني لأحسبه صادقاً ، وكان إذا لقى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : إنا
لنعلم أن هذا الذي تقول حق ، وإنه لا يمنعنا أن نتبع الهدى معك إلا مخافة أن يتخطفنا
الناس ، يعني العرب ، من أرضنا إن خرجنا ، فإنما نحن أكلة رأس ، ولا طاقة لنا بهم ،
نظيرها في القصص : ( وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ) [ القصص :
57 ] ، فأنزل الله : ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون ( في العلانية بأنك كذاب مفتر ،
)( فإنهم لا يكذبونك ( في السر بما تقول بأنك نبى رسول ، بل يعلمون أنك صادق ،
وقد جربوا منك الصدق فيما مضى ، ) ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) [ آية :
33 ] ، يعني بالقرآن بعد المعرفة .
الأنعام : ( 34 ) ولقد كذبت رسل . . . . .
) ولقد كذبت رسل من قبلك ( ، وذلك قبل كفار مكة ؛ لأن كفار مكة ، قالوا : يا
محمد ، ما يمنعك أن تأتينا بآية كما كانت الأنبياء تجئ بها إلى قومهم ، فإن فعلت
صدقناك ، وإلا فأنت كاذب ، فأنزل الله يعز نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ليصبر على تكذيبهم إياه ، وأن
يقتدى بالرسل قبله : ( ولقد كذبت رسل من قبلك ( ) فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ( في هلاك قومهم ، وأهل مكة بمنزلتهم ، فذلك قوله : ( ولا مبدل لكلمات الله ( ، يعني لا تبديل لقول الله بأنه ناصر محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، ألا وقوله حق كما نصر الأنبياء
قبله ، ) ولقد جاءك من نبإي ( ، يعني من حديث ) المرسلين ) [ آية : 34 ] حين
كذبوا وأوذوا ثم نصروا .
الأنعام : ( 35 ) وإن كان كبر . . . . .
) وإن كان كبر عليك ( ، يعني ثقل عليك ) إعراضهم ( عن الهدى ، ولم تصبر على
تكذيبهم إياك ، ) فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ( ، يعني سربا ، ) أو سلما في السماء ( ، أي فإن لم تستطع فأت بسلم ترقى فيه إلى السماء ، ) فتأتيهم بآية ( فافعل
إن استطعت ، ثم عزى نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ليصبر على تكذيبهم ، فقال : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ) [ آية : 35 ] ، فإن الله لو شاء لجعلهم مهتدين .