كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 355
آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ) [ آية : 74 ] ، وولد إبراهيم بكوتي ، وذلك أن
الكهنة قالوا لنمروذ الجبار : إنه يولد في هذه السنة غلام يفسد آلهة أهل الأرض ، ويدعو
إلى غير آلهتكم ، ويكون هلاك ملكك وهلاك أهل بيتك بسببه ، فقال نمروذ : إن دواء هذا
لهين ، نعزل الرجال عن النساء ، ونعمد إلى كل غلام يولد في هذه السنة فنقتله إلى أن
تنقضي السنة ، فقالوا : إن فعلت ذلك ، وإلا كان الذي قلنا لك .
فعمد نمروذ ، فجعل على كل عشرة رجال رجلا ، وقال لهم : إذا طهرت المرأة فحولوا
بينها وبين زوجها إلى أن تحيض ، ثم يرجع إلى امرأته إلى أن تطهر ، ثم يحال بينهما ،
فرجع آزر إلى امرأته ، فجامعها على طهر فحملت ، قالت الكهنة : قد حمل به الليلة ، قال
نمروذ : انظروا إلى كل امرأة استبان حملها ، فخلوا سبيلها ، وانظروا بقيتهن ، فلما دنا
مخاض أم إبراهيم ، عليه السلام ، دنت إلى نهر يابس ، فولدت فيه ، ثم لفته في خرقة ،
فوضعته في حلفا ، ثم رجعت إلى بيتها ، فأخبرت زوجها بمكانه ، فعمد أبوه فحفر له
سربا في الأرض ، ثم جعله فيه وسد عليه بصخرة مخافة السباع ، فكانت أمه تختلف إليه
وترضعه حتى فطمته وعقل ، وكان ينبت في اليوم نبات شهر ، وفي الشهر نبات سنة ،
وفي السنة نبات سنتين ، فقال لأمه : من ربي ؟ قالت : أنا ، قال : من ربك ؟ قالت : أبوك ،
قال : فمن رب أبي ؟ فضربته ، وقالت له : اسكت فسكت الصبي .
ورجعت إلى زوجها ، فقالت : أرأيت الغلام الذي كنا نخبر أنه يغير دين أهل الأرض ؟
فهو ابنك ، وأخبرته الخبر ، فأتاه أبوه وهو في السرب ، فقال : يا أبت ، من ربي ؟ قال :
أمك ، قال : فمن رب أمي ؟ قال : أنا ، قال : فمن ربك ؟ فضربه ، وقال له : اسكت ،
الأنعام : ( 75 ) وكذلك نري إبراهيم . . . . .
) وكذلك ( ، يعني هكذا ، ) نرى إبراهيم ملكوت ( ، يعني خلق ) السماوات
والأرض ( ، وما بينهما من الآيات ، ) وليكون ) ) إبراهيم ( ( من الموقنين ) [ آية : 75 ]
بالرب أنه واحد لا شريك له .
وذلك أن إبراهيم سأل ربه أن يريه ملكوت السماوات والأرض ، فأمر الله جبريل ،
عليه السلام ، فرفعه إلى الملكوت ينظر إلى أعمال العباد ، فرأى رجلا على معصية ، فقال :
يا رب ، ما أقبح ما يأتي هذا العبد ، اللهم اخسف به ، ورأى آخر فأعاد الكلام ، قال :
فأمر الله جبريل ، عليه السلام ، أن يرده إلى الأرض ، فأوحى الله إليه : مهلا يا إبراهيم ، فلا