كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)
صفحة رقم 356
تدع على عبادى ، فإني من عبادى على إحدى خصلتين : إما أن يتوب إلى قبل موته
فأتوب عليه ، وإما أن يموت فيدع خلفا صالحا فيستغفر لأبيه فأغفر لهما بدعائه .
الأنعام : ( 76 ) فلما جن عليه . . . . .
) فلما جن عليه اليل ( ، دنا من باب السرب ، وذلك في آخر الشهر ، فرأى الزهرة
أول الليل من خلال السرب ومن وراء الصخرة ، والزهرة أحسن الكواكب ، ) رءا
كوكبا قال هذا ربي فلما أفل ( ، يعني غاب ، ) قال ( إبراهيم : ( لا أحب الآفلين (
[ آية : 76 ] ، يعني الغائبين الذاهبين ، وربى لا يذهب ولا يغيب .
الأنعام : ( 77 ) فلما رأى القمر . . . . .
) فلما ( كان آخر الليل ، ) رءا القمر بازغا ( ، يعني طالعا أعظم وأضوأ من
الكواكب ، ) قال هذا ربي ( ، وهو ينظر إليه ، ) فلما أفل ( ، يعني غاب ، ) قال لئن لم يهدني ربي ( لدينه ) لأكونن من القوم الضالين ) [ آية : 77 ] عن الهدى .
الأنعام : ( 78 ) فلما رأى الشمس . . . . .
) فلما رءا الشمس بازغة ( ، يعني طالعة في أول ما رآها ملأت كل شيء ضوءا ،
)( قال هذا ربي هذا أكبر ( ، يعني أعظم من الزهرة والقمر ، ) فلما أفلت ( ، يعني
غابت ، عرف أن الذي خلق هذه الأشياء دائم باق ، ورفع الصخرة ، ثم خرج فرأى قومه
يعبدون الأصنام ، فقال لهم : ما تعبدون ؟ قالوا : نعبد ما ترى ، ) قال يا قوم ( ، عبادة رب
واحد خير من عبادة أرباب كثيرة ، و ) إني بريءٌ مما تشركون ) [ آية : 78 ] بالله من الآلهة ، قالوا : فمن تعبد يا إبراهيم ؟ قال : أعبد الله الذي خلق السماوات والأرض حنيفا ،
يعني مخلصا لعبادته ، وما أنا من المشركين ، وذلك قوله :
الأنعام : ( 79 ) إني وجهت وجهي . . . . .
) إني وجهت وجهي ( ، يعني
ديني ) للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ( ، يعني مخلصا ، ) وما أنا من المشركين ) [ آية : 79 ] .
الأنعام : ( 80 ) وحاجه قومه قال . . . . .
ثم إن نمروذ بن كنعان الجبار خاصم إبراهيم ، فقال : من ربك ؟ قال إبراهيم : ربى
الذي يحيى ويميت ، وهو قوله : ( وحاجه قومه ( ، فعمد نمروذ إلى إنسان فقتله ، وجاء
بآخر فتركه ، فقال : أنا أحييت هذا وأمت ذلك ، قال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من
المشرق ، فأت بها من المغرب ، فبهت الذي كفر ، يعني نمروذ ، قوله : ( وحاجه قومه ( ،
وذلك أنهم لما سمعوا إبراهيم ، عليه السلام ، عاب آلهتهم وبرئ منها ، قالوا لإبراهيم : إن
لم تؤمن بآلهتنا ، فإنا نخاف أن تخبلك وتفسدك فتهلك ، فذلك قوله : ( وحاجه قومه ( ،
يعني وخاصمه قومه ، ) قال أتحاجوني في الله وقد هدان ( لدينه ، ) ولا أخاف ما تشركون به ( ، يعني بالله من الآلهة ، وهي لا تسمع ولا تبصر شيئا ، ولا تفع ولا تضر ،