كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 44
البقرة : ( 39 ) والذين كفروا وكذبوا . . . . .
) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ( ، يعني أجدادهم ، فكانت النعمة
حين أنجاهم من آل فرعون ، وأهلك عدوهم ، وحين فرق البحر لهم ، وحين أنزل عليهم
المن والسلوى ، وحين ظلل عليهم الغمام بالنهار من حر الشمس ، وجعل لهم عمودا من
نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر ، وفجر لهم اثنى عشر عينا من الحجر ،
وأعطاهم التوراة فيها بيان كل شيء ، فدلهم على صنعه ليوحدوه عز وجل .
) وأوفوا بعهدي ( ، يعني اليهود ، وذلك أن الله عز وجل عهد إليهم في التوراة أن
يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وأن يؤمنوا بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وبالنبيين والكتاب ، فأخبر الله عز
وجل عنهم في المائدة ، فقال : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي (
بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) وعزرتموهم ( ، يعني ونصرتموهم ) وأقرضتم الله قرضا حسنا (
[ المائدة : 12 ] ، فهذا الذي قال الله : ( وأوفوا بعهدي ( الذي عهدت إليكم في التوراة ،
فإذا فعلتم ذلك ) أوف ( لكم ) بعهدكم ) 6 ، يعني المغفرة والجنة ، فعاهدهم إن أوفوا له
بما قال المغفرة والجنة ، فكفروا بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبعيسى ، عليه السلام ، فذلك قوله سبحانه :
( لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) [ المائدة :
12 ] ، فهذا وفاء الرب عز وجل لهم ، ) وإياي فارهبون ) [ آية : 40 ] ، يعني وإياي
فخافون في محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، فمن كذب به فله النار .
تفسير سورة البقرة آية [ 41 ]
البقرة : ( 41 ) وآمنوا بما أنزلت . . . . .
ثم قال : ( وءامنوا بما أنزلت مصدقا ( نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه
رءوس اليهود ، يقول : صدقوا بما أنزلت من القرآن على محمد مصدقا ) لما معكم (
يقول : محمد تصديقه معكم أنه نبي رسول ، ) ولا تكونوا أول كافر به ( يعني محمدا ،
فتتابع اليهود كلها على كفر به ، فلما كفروا تتابعت اليهود كلها ، أهل خيبر ، وأهل
فدك ، وأهل قريظة وغيرهم على الكفر بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قال لرءوس اليهود : ( ولا تشتروا
بآياتي ثمنا قليلا ( ، وذلك أن رءوس اليهود كتموا أمر محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في التوراة ، وكتموا

الصفحة 44