كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 51
بعضه على بعض ، فقال الله عز وجل لهم : ( كلوا من طيبات ( ، يعني من حلال ،
كقوله : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) [ المائدة : 6 ] ، يعني حلالا طيبا في غير مأثم ، وإذا
وجدوا الماء فهو حرام ، فمن ثم قال : ( طيبا ( ، يعني حلالا من ) ما رزقناكم ( من
السلوى ، ولا تطغوا فيه ، يعني تعصوا الله في الرزق فيما رزقكم ، ولا ترفعوا منه لغد ،
فرفعوا وقددوا مخافة أن ينفذ ، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك ، فقددوا منه ورفعوا فدود
وتغير ما قدروا منه وما رفعوا فعصوا ربهم ، فذلك قوله سبحانه : ( وما ظلمونا ( ، يعني
وما ضرونا ، يعني ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئا حين رفعوا وقددوا منه في غد ،
)( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) [ آية : 57 ] ، يعني أنفسهم يضرون ، نظيرها في
الأعراف قوله سبحانه : ( من طيبات ما رزقناكم ) [ الأعراف : 160 ] إلى آخر الآية .
تفسير سورة البقرة من آية [ 58 - 59 ]
البقرة : ( 58 - 59 ) وإذ قلنا ادخلوا . . . . .
) وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية ( يعني إيلياء وهم يومئذ من وراء البحر ، ) فكلوا منها حيث شئتم رغدا ( ، يعني ما شئتم ، وإذ شئتم ، وحيث شئتم ، ) وادخلوا الباب سجدا ( ، يعني باب إيلياء سجدا ، فدخلوا متحرفين على شق وجوههم ، ) وقولوا حطة ( ، وذلك أن بني إسرائيل خرجوا مع يوشع بن نون بن اليشامع بن عميهوذ بن
غيران بن شونالخ بن إفراييم بن يوسف ، عليه السلام ، من أرض التيه إلى العمران حيال
أريحا ، وكانوا أصابوا خطيئة ، فأراد الله عز وجل أن يغفر لهم ، وكانت الخطيئة أن
موسى ، عليه السلام ، كان أمرهم أن يدخلوا أرض أريحا التي فيها الجيارون ، فلهذا قال
لهم : ( وقولوا حطة ( ، يعني بحطة حط عنا خطايانا .
ثم قال : ( نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ) [ آية : 58 ] الذين لم يصيبوا
خطيئة ، فزادهم الله إحسانا إلى إحسانهم ، فلما دخلوا إلى الباب ، فعل المحسنون ما أمروا
به ، وقال الآخرون : هطا سقماثا يعنون حنطة حمراء ، قالوا : ذلك استهزاء وتبديلا ، لما
أمروا به ، فدخلوا مستقلين ، فذلك قوله عز وجل : ( فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا ( ، يعني عذابا ) من السماء ( كقوله

الصفحة 51