كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 71
البقرة : ( 107 ) ألم تعلم أن . . . . .
) ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ( ، يحكم فيهما ما يشاء ، ويأمر بأمر ،
ثم يأمر بغيره ، ثم قال سبحانه : ( وما لكم من دون الله من ولي ( ، يعني قريب
ينفعكم ، ) ولا نصير ) [ آية : 107 ] ، يعني ولا مانع يمنعكم من الله لقولهم : إن
القرآن ليس من الله ، وإنما تقوله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من تلقاء نفسه ، نظيرها في براءة قوله
سبحانه : ( وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ) [ التوبة : 74 ] ، وقال عز وجل في النحل : ( وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون (
[ النحل : 101 ] أنك لن تقول إلا ما قيل لك .
البقرة : ( 108 ) أم تريدون أن . . . . .
) أم تريدون أن تسئلوا رسولكم ( ، يعني يقول : تريدون أن تسألوا محمدا أن
يريكم ربكم جهرة ، ) كما سئل موسى من قبل ( محمد ، يعني كما قالت بنو إسرائيل
لموسى : ( أرنا الله جهرة ( ، ) ومن يتبدل ( ، يعني من يشتر ) الكفر بالإيمان ( ،
يعني اليهود ، ) فقد ضل سواء السبيل ) [ آية : 108 ] ، يعني قد أخطأ قصد طريق
الهدى ، كقوله سبحانه في القصص : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل (
[ القصص : 22 ] ، يعني قصد الطريق .
البقرة : ( 109 ) ود كثير من . . . . .
) ود كثير من أهل الكتاب ( ، وذلك أن نفرا من اليهود ، منهم : فنحاص ،
وزيد بن قيس ، بعد قتال أحد ، دعوا حذيفة ، وعمارا إلى دينهم ، وقالوا لهما : إنكما لن
تصيبا خيرا للذي أصابهم يوم أحد من البلاء ، وقالوا لهما : ديننا أفضل من دينكم ، ونحن
أهدى منكم سبيلا ، قال لهم عمار : كيف نقض العهد فيكم ؟ قالوا : شديد ، قال عمار :
فإني عهدت ربي أن لا أكفر بمحمد أبدا ، ولا أتبع دينا غير دينه ، فقالت اليهود : أما
عمار ، فقد ضل وصبأ عن الهدى بعد إذ بصره الله ، فكيف أنت يا حذيفة ؟ ألا تبايعنا ؟
قال حذيفة : الله ربي ، ومحمد نبيي ، والقرآن إمامي ، أطيع ربي ، وأقتدي برسولي ، وأعمل
بكتاب الله ربي حتى يأتيني اليقين على الإسلام ، والله السلام ومنه السلام ، فقالوا : وإله
موسى ، لقد أشربت قلوبكم حب محمد ، فقال عمار : ربي أحمده ، وربي أكرم محمدا ،
ومنه اشتق الجلالة ، إن محمدا أحمد هو محمد .

الصفحة 71