كتاب تفسير مقاتل بن سليمان - العلمية (اسم الجزء: 1)

صفحة رقم 94
بينهم وبين الناس ، ) والصابرين في البأساء والضراء ) ، يعني الفقر ، والضراء يعني البلاء ،
)( وحين البأس ( ، يعني وعند القتال هم صابرون ، ) أولئك الذين صدقوا ( في إيمانهم ،
)( وأولئك هم المتقون ) [ آية : 177 ] .
تفسير سورة البقرة من آية [ 178 - 179 ]
البقرة : ( 177 ) ليس البر أن . . . . .
) يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ( إذا كان عمدا ، وذلك أن حيين
من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل ، وكانت بينهم قتلى وجرحى ، حتى
قتل العبيد والنساء ، فلم يأخذ بعضهم من بعض الأموال حتى أسلموا ، وكان أحد الحيين
له طول على الآخر في العدد والأموال ، فحلفوا ألا نرضى حتى يقتل بالعبد منا الحر
منهم ، وبالمرأة منا الرجل منهم ، فأنزل الله عز وجل : ( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ( ، فسوى بينهم في الدماء ، وأمرهم بالعدل فرضوا ، فصارت منسوخة نسختها
الآية التي في المائدة قوله سبحانه : ( وكتبنا ( فيما قضينا ) عليهم فيها أن النفس
بالنفس ) [ المائدة : 54 ] ، يعني النفس المسلم الحر بالنفس ، المسلم الحر ، والمسلمة الحرة
بالمسلمة الحرة ، ) فمن عفى له من أخيه شيء ( .
ثم رجع إلى أول الآية في قوله سبحانه : ( كتب عليكم القصاص في القتلى ( إذا كان
عمدا إذا عفى ولي المقتول عن أخيه القاتل ورضي بالدية ، ) فاتباع بالمعروف ( ، يعني
الطالب ليطلب ذلك في رفق ، ثم قال للمطلوب : ( وأداء إليه بإحسان ( ، يقول : ليؤدي
الدية إلى الطالب عفوا في غير مشقة ولا أذى ، ) ذلك ( العفو والدية ) تخفيف من
ربكم ( إذ جعل في قتل العمد العفو والدية ، ثم قال : ( ورحمة ( ، يعني وتراحموا ،
وكان الله عز وجل حكم على أهل التوراة أن يقتل القاتل ، ولا يعفى عنه ، ولا يقبل منه
الدية ، وحكم على أهل الإنجيل العفو ، ولا يقتل القاتل بالقصاص ، ولا يأخذ ولي المقتول
الدية .
ثم جعل الله عز وجل التخفيف لأمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إن شاء ولي المقتول قتل القاتل ، وإن
شاء عفا عنه ، وإن شاء أخذ منه الدية ، فكان لأهل التوراة أن يقتل قاتل الخطأ والعمد

الصفحة 94