كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

دُخَانًا. فَأَسْرَعْتُ فِي الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي سَيْفٍ.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ. جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمْسَكَ. وَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم الأسدي بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ. فَكَانَ يَأْتِيهِ ونَجِيءُ مَعَهُ. فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَخِّنُ. قَالَ: وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا وُلِدَ إِبْرَاهِيمُ جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ فَقَالَ: انْظُرِي إِلَى شَبَهِهِ بِي. فَقُلْتُ: مَا أَرَى شبها! فقال رسول الله. ص: أَلا تَرَيْنَ إِلَى بَيَاضِهِ وَلَحْمِهِ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَنْ قُصِرَ عَلَيْهِ اللِّقَاحُ ابْيَضَّ وَسَمِنَ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ. عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ مَنْ سُقِيَ أَلْبَانَ الضَّأْنِ سَمِنَ وَابْيَضَّ] .
قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِطْعَةُ غَنَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِ وَلَبَنُ لِقَاحٍ لَهُ فَكَانَ جِسْمُهُ وَجِسْمُ أُمِّهِ مَارِيَةَ حَسَنًا.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ. دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَلَمَّا مَاتَ دَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي تَنْهَى النَّاسَ عَنْهُ! مَتَى يَرَكَ الْمُسْلِمُونَ تَبْكِي يَبْكُوا. قَالَ: فَلَمَّا شُرِيَتْ عَنْهُ عَبْرَتُهُ. قَالَ:
إِنَّمَا هَذَا رُحْمٌ وَإِنَّ مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ. إِنَّمَا نَنْهَى النَّاسَ عَنِ النِّيَاحَةِ وَأَنْ يُنْدَبَ الرَّجُلُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ. ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنَّهُ وَعْدٌ جَامِعٌ وَسَبِيلٌ مِئْتَاءٌ وَأَنَّ آخِرَنَا لاحِقٌ بِأَوَّلِنَا لَوَجِدْنَا عَلَيْهِ وَجْدًا غَيْرَ هَذَا وَإِنَّا عَلَيْهِ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ولا نقول ما
__________
(1) انظر الحديث في: [صحيح مسلم، الفضائل (62) ، وصحيح البخاري (7/ 108) ، وسنن أبي داود (3126) ، ومسند أحمد بن حنبل (3/ 194) ، والسنن الكبرى (4/ 69) ، ومصنف عبد الرزاق (7983) ، (7984) ، ودلائل النبوة (5/ 430) ، وفتح الباري (9/ 589) ] .

الصفحة 109