كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

يُسْخِطُ الرَّبَّ وَفَضْلُ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: [أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى النَّخْلِ الَّذِي فِيهِ إِبْرَاهِيمُ. فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ. فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ. فَقُلْتُ لَهُ:
أَتَبْكِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَلَمْ تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ قَالَ: إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ النَّوْحِ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ. صَوْتٌ عِنْدَ نِعْمَةٍ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَمَزَامِيرُ شَيْطَانٍ. وَصَوْتٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشُ وُجُوهٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرِ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّمَا هَذَا رَحْمَةٌ وَمَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ. يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْلا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَوَعْدٌ صَادِقٌ وَأَنَّهَا سَبِيلٌ مَأْتِيَّةٌ وَأَنَّ أُخْرَانَا سَتَلْحَقُ أُولانَا لَحَزَنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن دكين. أخبرنا محمد بن راشد عن محكول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي السُّوقِ فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَمَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. فَقَالَ: أَتَبْكِي وَقَدْ نَهَيْتَ عَنِ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنِ النِّيَاحَةِ وَأَنْ يُنْدَبَ الْمَيِّتُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ رَحْمَةٌ] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِنَّ الْقَلْبَ سَيَحْزُنُ وَإِنَّ الْعَيْنَ سَتَدْمَعُ وَلَنْ نَقُولَ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ. وَلَوْلا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَيَوْمٌ جَامِعٌ لاشْتَدَّ وَجْدُنَا عَلَيْكَ وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ!] .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بن داود. أخبرنا ابن لهيعة عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى عَلَى إِبْرَاهِيمَ ابْنِهِ. فَصَرَخَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ: رَأَيْتُكَ تبكي. فقال رسول الله. ص: الْبُكَاءُ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالصُّرَاخُ مِنَ الشَّيْطَانِ] «1» .
[قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ. أَخْبَرَنَا الأَجْلَحُ عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رسول الله. ص: لَوْلا أَنَّهُ أَجَلٌ مَعْدُودٌ وَوَقْتٌ مَعْلُومٌ لَجَزِعْنَا عليك أشد
__________
(1) انظر الحديث في: [كنز العمال (42415) ] .

الصفحة 110