كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

اجعلنا في مقدمتك. واجعل لواءنا أحمر. وشعارنا مقدم. ففعل ذلك بهم. فشهدوا معه الفتح والطائف وحُنينًا.
وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - راشد بن عبد ربه رهاطًا وفيها عين يقال لها عين الرسول. وكان راشد يسدن صنمًا لبني سليم. فرأي يومًا ثعلبين يبولان عليه فقال:
أرب يبول الثعلبان برأسه! ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب
[ثم شد عليه فكسره. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ له: ما أسمك؟ قال:
غاوي بن عبد العزي. قال: أنت راشد بن عبد ربه. فاسلم وحسن أسلامه وشهد الفتح مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: خير قري عربية خيبر. وخير بني سليم راشد. وعقد له على قومه] .
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ بَنِي الشَّرِيدِ قَالَ: وَفَدَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ قِدْرُ بْنُ عَمَّارٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ فَأَسْلَمَ وَعَاهَدَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِأَلْفٍ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى الْخَيْلِ وَأَنْشَدَ يَقُولُ:
شَدَدْتُ يَمِينِي إِذْ أَتَيْتُ مُحَمَّدًا ... بِخَيْرِ يَدٍ شُدَّتْ بِحُجْزَةِ مِئْزَرِ
وَذَاكَ امْرُؤٌ قَاسَمْتُهُ نِصْفَ دِينِهِ ... وَأَعْطَيْتُهُ أَلْفَ امْرِئٍ غَيْرَ أَعْسَرِ
ثُمَّ أَتَى إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةٍ وَخَلَّفَ فِي الْحَيِّ مِائَةً.
فَأَقْبَلَ بِهِمْ يُرِيدُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ. فَأَوْصَى إِلَى ثَلاثَةِ رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَإِلَى جَبَّارِ بْنِ الْحَكَمِ. وَهُوَ الْفَرَّارُ الشَّرِيدِيُّ.
وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَإِلَى الأَخْنَسِ بْنِ يَزِيدَ وَأَمَّرَهُ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ. وَقَالَ: ائْتُوا هَذَا الرَّجُلَ حَتَّى تَقْضُوا الْعَهْدَ الَّذِي فِي عُنُقِي. ثُمَّ مَاتَ. فَمَضَوْا حَتَّى قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الْحَسَنُ الْوَجْهِ الطَّوِيلُ اللِّسَانِ الصَّادِقُ الإِيمَانِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ. وَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ. فَقَالَ: أَيْنَ تَكْمِلَةُ الأَلْفِ الَّذِينَ عَاهَدَنِي عَلَيْهِمْ؟ قَالُوا: قَدْ خَلَّفَ مِائَةً بِالْحَيِّ مَخَافَةَ حَرْبٍ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي كِنَانَةَ. قَالَ: ابْعَثُوا إِلَيْهَا فَإِنَّهُ لا يَأْتِيكُمْ فِي عَامِكُمْ هَذَا شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ فَبَعَثُوا إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ بِالْهَدَّةِ وَهِيَ مِائَةٌ عَلَيْهَا الْمُنَقَّعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَمَلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ بَهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا وَئِيدَ الْخَيْلِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا. قَالَ: لا بَلْ لَكُمْ لا عَلَيْكُمْ. هَذِهِ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ قَدْ جَاءَتْ!] فَشَهِدُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَتْحَ وحنينا.

الصفحة 234