كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)
عَشَرَ رَجُلا. وَهُوَ أَثْبَتُ. قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: إِنِّي لَفِي رِكَابِ الْمُسْلِمِينَ بِذِي حُرُضٍ. فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ تَلَقَّانِي يَسْتَخْبِرُنِي. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ خَرَجْتُ أَشْتَدُّ أُبَشِّرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُدُومِهِمْ. فَأَلْقَى أَبَا بكر الصديق. رضي الله عَنْهُ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقُدُومِهِمْ. فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لا تَسْبِقْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَبَرِهِمْ! فَدَخَلَ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسُرَّ بِمَقْدِمِهِمْ. وَنَزَلَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الأَحْلافِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَأَكْرَمَهُمْ. وَضَرَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي مَالِكٍ قُبَّةً فِي الْمَسْجِدِ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِيهِمْ كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيَقِفُ عَلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ. وَيَشْكُو قُرَيْشًا وَيُذْكُرُ الْحَرْبَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ. ثُمَّ قَاضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَقِيفًا عَلَى قَضِيَّةٍ. وَعُلِّمُوا الْقُرْآنَ. وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ. وَاسْتَعْفَتْ ثَقِيفٌ مِنْ هَدْمِ اللاتِ وَالْعُزَّى فَأَعْفَاهُمْ. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَكُنْتُ أَنَا هَدَمْتُهَا. قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ فَلا أَعْلَمُ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ بَنِي أَبٍ وَلا قَبِيلَةً كَانُوا أَصَحَّ إِسْلامًا وَلا أَبْعَدَ أَنْ يُوجَدَ فِيهِمْ غِشٌّ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ مِنْهُمْ.
وُفُودُ رَبِيعَةَ- عَبْدِ الْقَيْسِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُمَّانَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا مِنْهُمْ.
فَقَدِمَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ رَجُلا رَأْسُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ الأَشَجُّ. وَفِيهِمُ الْجَارُودُ وَمُنْقِذُ بْنُ حَيَّانَ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ الأَشَجِّ. وَكَانَ قُدُومُهُمْ عَامَ الْفَتْحِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلاءِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ. قَالَ: [مَرْحَبًا بِهِمْ نِعْمَ الْقَوْمُ عَبْدُ الْقَيْسِ! قَالَ: وَنَظَرَ رسول الله.
ص. إِلَى الأُفُقِ صَبِيحَةَ لَيْلَةَ قَدِمُوا وَقَالَ: لَيَأْتِيَنَّ رَكْبٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُكْرَهُوا عَلَى الإِسْلامِ قَدْ أَنْضُوا الرِّكَابَ وَأَفْنُوا الزَّادَ. بِصَاحِبِهِمْ عَلامَةٌ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْنِي لا يَسْأَلُونِي مالا هم خير أهل المشرق. قال: فجاؤوا في ثيابهم ورسول الله.
ص. فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ. ص: أَيُّكُمْ عَبْدُ اللَّهِ الأَشَجُّ! قَالَ: أَنَا يَا رسول الله. وَكَانَ رَجُلا دَمِيمًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّهُ لا يُسْتَسْقَى فِي مُسُوكِ الرِّجَالِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَصْغَرَيْهِ لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: فِيكَ خَصْلَتَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: الْحِلْمُ
الصفحة 238