كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ قَالا: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ الله. ص: إِنَّ اللَّهَ لَمَّا صَوَّرَ آدَمَ تَرَكَهُ مَا شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لا يَتَمَالَكُ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: خَمَّرَ اللَّهُ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. أَوْ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ فِيهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ. وَخَرَجَ كُلُّ خَبِيثٍ فِي يَدِهِ الأُخْرَى. ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
قَالَ رسول الله. ص: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ «2» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: خَلَقَ اللَّهُ ابْنَ آدَمَ كَمَا شَاءَ وَمِمَّا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِكَ.
تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ. فَمِنْهُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ وَشَعْرُهُ وَعِظَامُهُ وَجَسَدُهُ كُلُّهُ. فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُ ابْنَ آدَمَ. ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ. فَبِهَا يَقُومُ وَيَقْعُدُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ. وَيَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ الدَّوَابُّ. وَيَتَّقِي مَا تَتَّقِي. ثُمَّ جُعِلَ فِيهِ الرُّوحُ. فَبِهِ عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ. وَالرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ. وَبِهِ حَذَرَ وَتَقَدَّمَ. وَاسْتَتَرَ وَتَعَلَّمَ. وَدَبَّرَ الأُمُورَ كُلَّهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ. أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ جَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتُكَ. فَرَأَى رَجُلا مِنْهُمْ أَعْجَبَهُ نُورُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. فَقَالَ: أَيْ رَبِّ من هذا؟ قال: هذا
__________
(1) انظر الحديث في: [مسند أحمد بن حنبل (3/ 240) ] .
(2) انظر الحديث في: [التمهيد (6/ 2) ] .

الصفحة 24