كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)
وَفْدُ صُدَاءٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حدثني شيخ من بلمصطلق عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ بَعَثَ قَيْسَ بْنَ عُبَادَةَ إِلَى نَاحِيَةِ الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَطَأَ صُدَاءَ. فَعَسْكَرَ بِنَاحِيَةِ قَنَاةَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْ صُدَاءَ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ الْبَعْثِ فَأُخْبِرَ بِهِمْ. فَخَرَجَ سَرِيعًا حَتَّى وَرَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: جِئْتُكَ وَافِدًا عَلَى مَنْ وَرَائِي. فَارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي. فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدِمَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عَشَرَ رَجُلا فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ. فَفَشَا فِيهِمُ الإِسْلامُ. فَوَافَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَبْعَثُ إِلَى قَوْمِي جَيْشًا. فَارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِقَوْمِي.
فَرَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَقَدِمَ قَوْمِي عَلَيْهِ. فَقَالَ: يَا أَخَا صُدَاءٍ إِنَّكَ لَمُطَاعٌ فِي قَوْمَكِ. قَالَ قُلْتُ: بَلْ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ رَسُولِهِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي سَفَرٍ أَنْ يؤذن ثُمَّ جَاءَ بِلالٌ لِيُقِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ] .
وَفْدُ مُرَادٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَدِمَ فَرْوَةُ بْنُ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيُّ وَافِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَارِقًا لِمُلُوكِ كِنْدَةَ وَمُتَابِعًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.
وَكَانَ يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَفَرَائِضَ الإِسْلامِ وَشَرَائِعَهُ. وَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً. وَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ نَجِيبٍ. وَأَعْطَاهُ حُلَّةً مِنْ نَسْجِ عُمَانَ. وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى مُرَادٍ وَزُبَيْدٍ وَمَذْحِجٍ وَبَعَثَ مَعَهُ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى الصَّدَقَاتِ. وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ. وَلَمْ يَزَلْ عَلَى الصَّدَقَةِ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الصفحة 247