كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

عَلَيْكُمُ النَّبَاتُ وَلا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ عُشْرُ الْبَتَاتِ. لَكُمْ بِذَلِكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَنَا عَلَيْكُمُ النُّصْحُ وَالْوَفَاءُ وَذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهُ. شَهِدَ اللَّهُ وَمَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَفْدُ جَرْمٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ. أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ مُرَّةَ الْجَرْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - رَجُلانِ مِنَّا يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الأَصْقَعُ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ صُرَيْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ الْهُونِ بْنِ أَعْجَبَ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ جُرْمِ بْنِ رَيَّانَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ. والآخر هوذة بن عمرو بن يزيد بْنِ عَمْرِو بْنِ رِيَاحٍ فَأَسْلَمَا. وَكَتَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتابًا. قَالَ: فَأَنْشَدَنِي بَعْضُ الْجَرْمِيِّينَ شِعْرًا. قَالَهُ عَامِرُ بْنِ شُرَيْحٍ. يَعْنِي الأَصْقَعَ:
وَكَانَ أَبُو شُرَيْحٍ الْخَيِّرُ عَمِّي ... فَتَى الْفِتْيَانِ حَمَّالَ الْغَرَامَهْ
عَمِيدَ الْحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِذَا مَا ... ذَوُو الآكَالِ سَامُونَا ظُلامَهْ
وَسَابَقَ قَوْمَهُ لَمَّا دَعَاهُمْ ... إِلَى الإِسْلامِ أَحْمَدُ مِنْ تِهَامَهْ
فَلَبَّاهُ وَكَانَ لَهُ ظَهِيرًا ... فَرَفَّلَهُ عَلَى حَيَّيْ قُدَامَهْ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ حَبِيبٍ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ أَبَاهُ وَنَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَسْلَمَ النَّاسُ.
وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَقَضُوا حَوَائِجَهُمْ. فَقَالُوا لَهُ: مَنْ يُصَلِّي بِنَا أَوْ لَنَا؟ فَقَالَ: لِيُصَلِّ بِكُمْ أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا أَوْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. قَالَ: فجاؤوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَسَأَلُوا فِيهِمْ فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِمْ أَحَدًا أَكْثَرَ أَخْذًا أَوْ جَمَعَ مِنَ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتُ أَوْ أَخَذْتُ. قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ عَلَيَّ شَمْلَةٌ. فَقَدَّمُونِي فَصَلَّيْتُ بِهِمْ. فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلا وَأَنَا إِمَامُهُمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا. قَالَ يَزِيدُ قَالَ مِسْعَرٌ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ وَيَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عارف بن الفضل. أخبرنا حماد بن زياد عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَبُو زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ: كُنَّا بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَمَرُّ النَّاسِ عَلَيْهِ. وَكُنَّا نَسْأَلُهُمْ مَا هَذَا الأَمْرُ فَيَقُولُونَ: رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا. فَجَعَلْتُ لا أَسْمَعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلا حَفِظْتُهُ كَأَنَّمَا يُغْرَى فِي صَدْرِي بِغِرَاءٍ. حَتَّى جَمَعْتُ فِيهِ قُرْآنًا كَثِيرًا. قَالَ:
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهَا الْفَتْحَ. يَقُولُونَ: انْظُرُوا فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ صَادِقٌ وَهُوَ نَبِيٌّ.

الصفحة 253