كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)
وَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِهِمْ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ. فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ جُرَشَ. وَهِيَ مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ مُغَلَّقَةٌ. وَبِهَا قَبَائِلُ مِنَ الْيَمَنِ قَدْ تَحَصَّنُوا فِيهَا. فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَبَوْا. فَحَاصَرَهُمْ شَهْرًا وَكَانَ يُغِيرُ عَلَى مَوَاشِيهِمْ فَيَأْخُذُهَا. ثُمَّ تَنَحَّى عَنْهُمْ إِلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ شَكَرٌ. فَظُنُّوا أَنَّهُ قَدِ انْهَزَمَ. فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ. فَصَفَّ صُفُوفَهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ. فَوَضَعُوا سُيُوفَهُمْ فِيهِمْ حَيْثُ شَاءُوا. وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ عِشْرِينَ فَرَسًا. فَقَاتَلُوهُمْ عَلَيْهَا نَهَارًا طَوِيلا. وَكَانَ أَهْلُ جُرَشَ بَعَثُوا إلى رسول الله.
ص. رَجُلَيْنِ يَرْتَادَانِ وَيَنْظُرَانِ. فَأَخْبَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُلْتَقَاهُمْ وَظُفْرِ صُرَدٍ بِهِمْ. فَقَدِمَ رَجُلانِ عَلَى قَوْمِهِمَا فَقَصَّا عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ. فَخَرَجَ وَفْدُهُمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فَأَسْلَمُوا فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ أَحْسَنَ النَّاسِ وجُوهًا وَأَصْدَقَهُ لِقَاءً وَأَطْيَبَهُ كَلامًا وَأَعْظَمَهُ أَمَانَةً! أَنْتُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْكُمْ. وَجَعَلَ شِعَارَهُمْ مَبْرُورًا وَحَمَّى لَهُمْ حِمًى حَوْلَ قَرْيَتِهِمْ عَلَى أَعْلامٍ مَعْلُومَةٍ.]
وَفْدُ غَسَّانَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ مُحَمَّدِ ابن بُكَيْرٍ الْغَسَّانِيِّ عَنْ قَوْمِهِ غَسَّانَ قَالُوا: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ. الْمَدِينَةَ. وَنَحْنُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ. فَنَزَلْنَا دَارَ رَمْلَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. فَإِذَا وُفُودُ الْعَرَبِ كُلُّهُمْ مُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا فِيمَا بَيْنَنَا: أَيَرَانَا شَرَّ مَنْ يَرَى مِنَ الْعَرَبِ! ثُمَّ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمْنَا وَصَدَّقْنَا وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ. وَلا نَدْرِي أَيَتْبَعُنَا قَوْمُنَا أَمْ لا. فَأَجَازَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَوَائِزَ وَانْصَرَفُوا رَاجِعِينَ. فَقَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ. فَكَتَمُوا إِسْلامَهُمْ حَتَّى مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلانِ مُسْلِمَيْنِ. وَأَدْرَكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَامَ الْيَرْمُوكِ فَلَقِيَ أَبَا عُبَيْدَةَ فَخَبَّرَهُ بِإِسْلامِهِ فَكَانَ يُكْرِمُهُ.
وَفْدُ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْمَخْزُومِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -
خالد بن الوليد في أَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بِنَجْرَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ ثَلاثًا. فَفَعَلَ فَاسْتَجَابَ
الصفحة 255