كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)
سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَذْكُرُ مَا فُتِحَ عَلَى النَّاسِ.
فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَوِي يَوْمَهُ مِنَ الْجُوعِ مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ: احْمَدُوا اللَّهَ فَرُبَّمَا أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَوْمَ يَظَلُّ يَلْتَوِي مَا يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ.
أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دكين والحسن بن موسى قالا: أخبرنا زهير عَنْ سِمَاكٍ قَالَ:
سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ نَبِيُّكُمْ يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ. وَمَا تَرْضَوْنَ دُونَ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَالزُّبْدِ. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ: وَأَلْوَانِ الثِّيَابِ.
أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ. أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَازِنِيُّ أَبُو دَاوُدَ. أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ الْمَدَنِيُّ. حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ: دَخَلْنَا على عائشة. رضي الله عَنْهَا.
فَقُلْنَا: سَلامٌ عَلَيْكِ يَا أُمَّهْ! فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ! ثُمَّ بَكَتْ. فَقُلْنَا: مَا بُكَاؤُكِ يَا أُمَّهْ؟
قَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ يَأْكُلُ مِنْ أَلْوَانِ الطَّعَامِ حَتَّى يَلْتَمِسَ لِذَلِكَ دَوَاءً يُمْرِئُهُ.
فَذَكَرْتُ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي. خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَمْلأْ بَطْنَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ طَعَامَيْنِ. كَانَ إِذَا شَبِعَ مِنَ التَّمْرِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ. وَإِذَا شَبِعَ مِنَ الْخُبْزِ لَمْ يَشْبَعْ مِنَ التَّمْرِ. فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَدْرَكَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ! فَقَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّي عَائِشَةَ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكِ! فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً مَا نُوقِدُ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَارٍ مِصْبَاحًا وَلا غَيْرَهُ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ فَبِمَ كُنْتُمْ تَعِيشُونَ؟ فَقَالَتْ:
بِالأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. أَخْبَرَنَا بِسْطَامٌ. يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ. عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ قَالَ أَبِي: لَقَدْ غَبَرْنَا مَعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلا الأَسْوَدَانِ. ثُمَّ قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي مَا الأَسْوَدَانِ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ.
الصفحة 311