كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

وَأَنْتِ أُخْتِي فِي اللَّهِ فَإِنْ سَأْلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِي. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا الْجَبَّارُ. فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَكُفَّهُ عَنْهَا. قَالَ أَيُّوبُ: فَضَبَثَ بِيَدِهِ وَأُخِذَ أَخْذَةً شَدِيدَةً. فَعَاهَدَهَا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا. فَدَعَتِ اللَّهَ فَخُلِّيَ عَنْهُ. ثُمَّ هَمَّ بِهَا الثَّانِيَةَ. فَأُخِذَ أخذة هي أشد من الأولى. فعاهدها أيضا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا. فَدَعَتِ اللَّهَ فخلي عنه. ثم هم بها الثالثة. فَأُخِذَ أَخْذَةً هِيَ أَشَدُّ مِنَ الأَوَّلِيِّينَ. فَعَاهَدَهَا لَئِنْ خُلِّيَ عَنْهُ لا يَقْرَبُهَا.
فَدَعَتِ اللَّهَ فَخُلِّيَ عَنْهُ. فَقَالَ لِلَّذِي أَدْخَلَهَا: أَخْرِجْهَا عَنِّي فَإِنَّكَ أَدْخَلْتَ عَلَيَّ شَيْطَانًا وَلَمْ تُدْخِلْ عَلَيَّ إِنْسَانًا. وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ. فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي وَيَدْعُو اللَّهَ.
فَقَالَتْ: أَبْشِرْ فَقَدْ كَفَّ اللَّهُ يَدَ الْكَافِرِ الْفَاجِرِ وَأَخْدَمَنِي هَاجَرَ. ثُمَّ صَارَتْ هَاجَرُ لإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.
كَانَتْ أَمَةً لأُمِّ إِسْحَاقَ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزهري قال: قال رسول الله. ص:
إِذَا مَلَكْتُمُ الْقِبْطَ فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَإِنَّ لَهُمْ رَحِمًا. يَعْنِي أُمَّ إِسْمَاعِيلَ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْهُمْ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلُ مَا اتَّخَذَتِ النِّسَاءُ النُّطُقَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ يَعْنِي حِينَ خَرَجَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِلَى مَكَّةَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيِّ عَنْ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَلَدِهِ الْحَرَامِ. فَرَكِبَ إِبْرَاهِيمُ الْبُرَاقَ وَحَمَلَ إِسْمَاعِيلَ أَمَامَهُ. وَهُوَ ابْنُ سَنَتَيْنِ. وهاجر خلفه ومعه جبريل يَدُلُّهُ عَلَى مَوْضِعِ الْبَيْتِ حَتَّى قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ. فَأَنْزَلَ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ. ثُمَّ انْصَرَفَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الشَّأْمِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي الْجَارُودِ الرَّبِيعِ بْنِ قَزْبَعٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ؟ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا. وَهُوَ ابْنُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
__________
(1) انظر الحديث في: [مصنف عبد الرزاق (9996) ، (19375) ، وكنز العمال (24021) ] .

الصفحة 42