كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ حُذَافَةُ بْنُ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ لأَبِي لَهَبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
أَبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا ... بِهِ جَمَّعَ اللَّهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرٍ
فَدُعِيَ قُصَيٌّ مُجَمِّعًا بِجَمْعِهِ قُرَيْشًا. وَبِقُصَيٍّ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا. وَكَانَ يُقَالُ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ بَنُو النَّضْرِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ: مَتَى سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا؟ قَالَ: حِينَ اجْتَمَعَتْ إِلَى الْحَرَمِ مِنْ تَفَرُّقِهَا. فَذَلِكَ التَّجَمُّعُ التَّقَرُّشُ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا سَمِعْتُ هَذَا. وَلَكِنْ سَمِعْتُ أَنَّ قُصَيًّا كَانَ يُقَالُ لَهُ الْقُرَشِيُّ. وَلَمْ تُسَمَّ قُرَيْشٌ قَبْلَهُ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: لَمَّا نَزَل قُصَيٌّ الْحَرَمَ وَغَلَبَ عَلَيْهِ فَعَلَ أَفْعَالا جَمِيلَةً فَقِيلَ لَهُ الْقُرَشِيُّ. فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِهِ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بن عبد الله بن أبي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ قَالَ: النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ كَانَ يُسَمَّى الْقُرَشِيَّ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ الأَخْنَسِيِّ قَالَ: كَانَتِ الْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وَمَنْ وَلَدَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بِغَيْرِ هَذَا الإِسْنَادِ. أَوْ حَلِيفٌ لِقُرَيْشٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالتَّحَمُّسُ أَشْيَاءُ أَحْدَثُوهَا فِي دِينِهِمْ تَحَمَّسُوا فِيهَا. أَيْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِيهَا. فَكَانُوا لا يَخْرُجُونَ مِنَ الْحَرَمِ إِذَا حَجُّوا. فَقَصَّرُوا عَنْ بُلُوغِ الْحَقِّ. وَالَّذِي شَرَعَ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى. لإِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مَوْقِفُ عَرَفَةَ. وَهُوَ مِنَ الْحِلِّ.
وكانوا لا يسلؤون السَّمْنَ وَلا يَنْسِجُونَ مَظَالَّ الشَّعْرِ. وَكَانُوا أَهْلَ الْقُبَابِ الْحُمُرِ مِنَ الأَدَمِ. وَشَرَعُوا لِمَنْ قَدِمَ مِنَ الْحَاجِّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ مَا لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى عَرَفَةَ. فَإِذَا رَجَعُوا مِنْ عَرَفَةَ لَمْ يَطُوفُوا طَوَافَ الإِفَاضَةِ بِالْبَيْتِ إِلا عُرَاةً أَوْ فِي ثَوْبَيْ أَحْمَسِيٍّ. وَإِنْ طَافَ فِي ثَوْبَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُمَا.
قال مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَقُصَيٌّ أَحْدَثَ وَقُودَ النَّارِ بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ وَقَفَ بِهَا حَتَّى

الصفحة 59