كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

إِنَّ الْمُهَذَّبَ مِنْ لُؤَيٍّ كُلِّهَا ... بِالشَّأمِ بَيْنَ صَفَائِحٍ وَجَنَادِلِ
فَابْكِي عَلَيْهِ مَا بَقِيتِ بِعَوْلَةٍ ... فلقد رُزِئْتِ أَخَا نَدًى وَفَوَاضِلِ
وَلَقَدْ رُزِئْتِ قَرِيعَ فِهْرٍ كُلِّهَا ... وَرَئِيسِهَا فِي كُلِّ أَمْرٍ شَامِلِ
وَقَالَتِ الشِّفَاءُ بِنْتُ هَاشِمٍ تَرْثِي أَبَاهَا:
عَيْنُ جُودِي بِعَبْرَةٍ وَسُجُومِ ... وَاسْفَحِي الدَّمْعَ لِلْجَوَادِ الْكَرِيمِ
عَيْنُ وَاسْتَعْبِرِي وَسُحِّي وَجُمِّي ... لأَبِيكِ الْمُسَوَّدِ الْمَعْلُومِ
هَاشِمُ الْخَيْرِ ذِي الْجَلالَةِ وَالْمَجْدِ ... وَذِي الْبَاعِ وَالنَّدَى وَالصَّمِيمِ
وَرَبِيعٍ لِلْمُجْتَدِينَ وَحِرْزٍ ... وَلَزَازٍ لِكُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ
شِمَّرِيٍّ نَمَاهُ لِلْعِزِ صَقْرٌ ... شَامِخُ الْبَيْتِ مِنْ سَرَاةِ الأَدِيمِ
شَيْظَمِيٍّ مُهَذَّبٍ ذِي فُضُولٍ ... أَرْيَحِيٍّ مِثْلِ الْقَنَاةِ وَسِيمِ
غَالِبِيٍّ سَمَيْدَعٍ أَحْوَذِيٍّ ... بَاسِقِ الْمَجْدِ مَضْرَحِيٍّ حَلِيمِ
صَادِقِ النَّاسِ فِي الْمَوَاطِنِ شَهْمٍ ... مَاجِدِ الْجَدِّ غَيْرِ نِكْسٍ ذَمِيمِ.
ذِكْرُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: كَانَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ أَكْبَرَ مِنْ هَاشِمٍ وَمِنْ عَبْدِ شَمْسٍ. وَهُوَ الَّذِي عَقَدَ الْحِلْفَ لِقُرَيْشٍ مِنَ النَّجَاشِيِّ فِي مَتْجَرِهَا. وَكَانَ شَرِيفًا فِي قَوْمِهِ مُطَاعًا سَيِّدًا. وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّيهِ الْفَيْضَ لِسَمَاحَتِهِ. فَوَلِيَ بَعْدَ هَاشِمٍ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ. وَقَالَ فِي ذَلِكَ:
أَبْلِغْ لَدَيْكَ بَنِي هَاشِمٍ ... بِمَا قَدْ فَعَلْنَا وَلَمْ نؤمر
أقمنا لنسقي حجيج الحرام ... إذ تُرِكَ الْمَجْدُ لَمْ يُؤْثَرِ
نَسُوقُ الْحَجِيجَ لأَبْيَاتِنَا ... كَأَنَّهُمْ بَقَرٌ تُحْشَرِ
قَالَ: وَقَدِمَ ثَابِتُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ. وَهُوَ أَبُو حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ الشَّاعِرِ. مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فَلَقِيَ الْمُطَّلِبَ وَكَانَ لَهُ خَلِيلا. فَقَالَ لَهُ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ أَخِيكَ شَيْبَةَ فِينَا لَرَأَيْتُ جَمَالا وَهَيْبَةً وَشَرَفًا. لَقَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يُنَاضِلُ فِتْيَانًا مِنْ أَخْوَالِهِ فَيُدْخِلُ مِرْمَاتَيْهِ جَمِيعًا فِي مِثْلِ رَاحَتِي هَذِهِ وَيَقُولُ كُلَّمَا خَسَقَ: أَنَا ابْنُ عَمْرِو الْعُلَى. فَقَالَ الْمُطَّلِبُ: لا أُمْسِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِ فَأَقْدَمَ بِهِ. فَقَالَ ثَابِتٌ: مَا أَرَى سَلْمَى تَدْفَعُهُ إِلَيْكَ وَلا أَخْوَالَهُ. هُمْ

الصفحة 66