كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

اضْرِبْ بِقِدَاحِهِمْ. فَضَرَبَ. فَخَرَجَ قَدَحُ عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلُهَا. وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يُحِبُّهُ.
فَأَخَذَ بِيَدِهِ يَقُودُهُ إِلَى الْمَذْبَحِ وَمَعَهُ الْمُدْيَةُ. فَبَكَى بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكُنَّ قِيَامًا. وَقَالَتْ إِحْدَاهُنَّ لأَبِيهَا: أَعْذِرْ فِيهِ بِأَنْ تَضْرِبَ فِي إِبِلِكَ السَّوَائِمِ الَّتِي فِي الْحَرَمِ.
فَقَالَ لِلسَّادِنِ: اضْرِبْ عَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ وَعَلَى عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ. وَكَانَتِ الدِّيَةُ يَوْمَئِذٍ عَشْرًا مِنَ الإِبِلِ. فَضَرَبَ. فَخَرَجَ الْقَدَحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ. فَجَعَلَ يَزِيدُ عَشْرًا عَشْرًا. كُلُّ ذَلِكَ يَخْرُجُ الْقَدَحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى كَمَلَتِ الْمِائَةُ. فَضَرَبَ بِالْقِدَاحِ فَخَرَجَ عَلَى الإِبِلِ.
فَكَبَّرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَالنَّاسُ مَعَهُ. وَاحْتَمَلَ بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَخَاهُنَّ عَبْدَ اللَّهِ. وَقَدَّمَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الإِبِلَ فَنَحَرَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَحَرَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ كُلِّ مَنْ وَرَدَهَا مِنْ إِنَسِيٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ طَائِرٍ لا يَذُبُّ عَنْهَا أَحَدًا وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا هُوَ وَلا أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الدِّيَةُ يَوْمَئِذٍ عَشْرًا مِنَ الإِبِلِ. وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الإِبِلِ. فَجَرَتْ فِي قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ. وأقرها رسول الله.
ص. عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبِ بْنِ رَبَاحٍ الأَشْعَرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي رُقَيْقَةَ بِنْتَ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ تُحَدِّثُ. وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ ذَهَبْنَ بِالأَمْوَالِ وَأَشْفَيْنَ عَلَى الأَنْفُسِ. قَالَتْ: فَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ فِي الْمَنَامِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ مِنْكُمْ. وَهَذَا إِبَّانُ خُرُوجِهِ. وَبِهِ يَأْتِيكُمُ الْحَيَا وَالْخِصْبُ. فَانْظُرُوا رَجُلا مِنْ أَوْسَطِكُمْ نَسَبًا طُوَالا عِظَامًا أَبْيَضَ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ أَهْدَبَ الأَشْفَارِ جَعْدًا سَهْلَ الْخَدَّيْنِ رَقِيقَ الْعِرْنِينِ. فَلْيَخْرُجْ هُوَ وَجَمِيعُ وَلَدِهِ. وَلْيَخْرُجْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ. فَتَطَهَّرُوا وَتَطَيَّبُوا ثُمَّ اسْتَلِمُوا الرُّكْنَ. ثُمَّ ارْقَوْا رَأْسَ أَبِي قُبَيْسٍ. ثُمَّ يَتَقَدَّمُ هَذَا الرَّجُلُ فَيَسْتَسْقِي وَتُؤَمِّنُونَ فَإِنَّكُمْ سَتُسْقَوْنَ. فَأَصْبَحَتْ فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَيْهِمْ. فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا هَذِهِ الصِّفَةَ صِفَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ.

الصفحة 72