كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ قَالَ: قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - مَكَّةَ. وَقَدْ تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ. فَتَشَكَّتْ جَدْبَ الْبِلادِ وَهَلاكَ الْمَاشِيَةِ. فَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَدِيجَةَ فِيهَا فَأَعْطَتْهَا أَرْبَعِينَ شَاةً وَبَعِيرًا مَوَقَّعًا لِلظَّعِينَةِ وَانْصَرَفَتْ إِلَى أَهْلِهَا.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَتْ أَرْضَعَتْهُ. فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ: أُمِّي أُمِّي! وَعَمَدَ إِلَى رِدَائِهِ فَبَسَطَهُ لَهَا فَقَعَدَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بن موسى السناني عَنْ عِيسَى بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سعد قال: جاءت ظئر النبي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي ثِيَابِهَا وَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا. قَالَ: وَقَضَى حَاجَتَهَا.
قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَقَالَ لَهَا: دَعِينِي أَضَعُ يَدَيَّ خَارِجًا مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ: فَفَعَلَ وَقَضَى لَهَا حَاجَتَهَا. ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: قَدِمَ وَفْدُ هَوَازِنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجِعْرَانَةِ بعد ما قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَفِي الْوَفْدِ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو ثَرْوَانَ. فَقَالَ يَوْمَئِذٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ مَنْ كَانَ يَكْفُلُكَ مِنْ عَمَّاتِكَ وَخَالاتِكَ وَحَوَاضِنِكَ. وَقَدْ حَضَنَّاكَ فِي حُجُورِنَا وَأَرْضَعْنَاكَ بِثَدْيِنَا. وَلَقَدْ رَأَيْتُكَ مُرْضَعًا فَمَا رَأَيْتُ مُرْضَعًا خَيْرًا مِنْكَ. وَرَأَيْتُكَ فَطِيمًا فَمَا رَأَيْتُ فَطِيمًا خَيْرًا مِنْكَ. ثُمَّ رَأَيْتُكَ شَابًّا فَمَا رَأَيْتُ شَابًّا خَيْرًا مِنْكَ. وَقَدْ تَكَامَلَتْ فِيكَ خِلالُ الْخَيْرِ. وَنَحْنُ مَعَ ذَلِكَ أَصْلُكَ وَعَشِيرَتُكَ. فَامْنُنْ عَلَيْنَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ! [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص: قَدِ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لا تَقْدَمُونَ] «1» . وَقَدْ قَسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّبْيَ وَجَرَتْ فِيهِ السُّهْمَانُ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ أربعة عشر رجلا من هوازن مسلمين وجاؤوا بِإِسْلامِ مَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ. وَكَانَ رَأْسُ الْقَوْمِ وَالْمُتَكَلِّمُ أَبُو صُرَدٍ زُهَيْرُ بْنُ صُرَدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصْلٌ وَعَشِيرَةٌ. وَقَدْ أَصَابَنَا مِنَ الْبَلاءِ مَا لا يَخْفَى عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنَّمَا فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ عَمَّاتُكَ وَخَالاتُكَ وَحَوَاضِنُكَ اللاتِي هُنَّ يَكْفُلْنَكَ. وَلَوْ أَنَّا مَلَحْنَا لِلْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمْرٍ أو للنعمان بن
__________
(1) انظر الحديث في: [فتح الباري (8/ 34) ] .

الصفحة 92