كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 1)

أُمِّي وَفِي هَذِهِ الدَّارِ قُبِرَ أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَحْسَنْتُ الْعَوْمَ فِي بئر بني عدي ابن النَّجَّارِ. وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ يَخْتَلِفُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَسَمِعْتُ أَحَدَهُمْ يَقُولُ: هُوَ نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ وَهَذِهِ دَارُ هِجْرَتِهِ. فَوَعَيْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ كَلامِهِ] . ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى مَكَّةَ. فَلَمَّا كَانُوا بِالأَبْوَاءِ تُوُفِّيَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ. فَقَبَرَهَا هُنَاكَ. فَرَجَعَتْ بِهِ أُمُّ أَيْمَنَ عَلَى الْبَعِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدِمُوا عَلَيْهِمَا مَكَّةَ. وَكَانَتْ تَحْضُنُهُ مَعَ أُمِّهِ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ مَاتَتْ. [فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ بِالأَبْوَاءِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَصْلَحَهُ وَبَكَى عِنْدَهُ. وَبَكَى الْمُسْلِمُونَ لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: أَدْرَكَتْنِي رَحْمَتُهَا فَبَكَيْتُ] «1» .
قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ أَبُو غَسَّانَ. أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ فَأُذِنَ لَهُ فَسَأَلَ الْمَغْفِرَةَ لَهَا فَأُبِيَ عَلَيْهِ.
[قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ أَبُو عَامِرٍ السُّوَائِيُّ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ أَتَى جِذْمَ قَبْرٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ. فَجَعَلَ كَهَيْئَةِ الْمُخَاطِبِ. ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يَبْكِي.
فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ. وَكَانَ مِنْ أَجْرَأِ النَّاسِ عَلَيْهِ. فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الَّذِي أَبْكَاكَ؟ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أُمِّي سَأَلْتُ رَبِّي الزِّيَارَةَ فَأَذِنَ لِي وَسَأَلْتُهُ الاسْتِغْفَارَ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي فَذَكَرْتُهَا فَرَقَقْتُ فَبَكَيْتُ. فَلَمْ يُرَ يَوْمًا كَانَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ يَوْمَئِذٍ] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَهَذَا غَلَطٌ وَلَيْسَ قَبْرُهَا بِمَكَّةَ وَقَبْرُهَا بِالأَبْوَاءِ.
ذِكْرُ ضَمِّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ بعد وفاة أمه وذكر وفاة عَبْد المطلب ووصية أَبِي طالب بِرَسُولِ اللَّه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عُمَرَ بْنِ وَاقِدٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسْلَمِيُّ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي
__________
(1) انظر الحديث في: [سنن أبي داود (3088) ، والسنن الكبرى (4/ 156) ] .

الصفحة 94