يعني أنه يشترط في صحة شهادة السماع شرطان أحدهما الاستفاضة والثاني السلامة من الريبة المؤدية إلى تغليط الشاهد أو تكذيبه فالاستفاضة هي أن يكون المنقول عنه غير معين ولا محصور كما أشار إليه بقوله بحيث لا يحصر إلخ قال الباجي وشرط شهادة السماع أن يقولوا سمعنا سماعا فاشيا من أهل العدل وغيرهم وإلا لم تصح قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وقاله ابن المواز قالا ولا يسموا من سمعوا منه فإن سموا خرجت من شهادة السماع إلى الشهادة على الشهادة وقاله ابن القاسم وأصبغ
وأما السلامة من الريبة بغلط الشاهد أو كذبه فيحترز بذلك من وجود الريبة ومثالها ما حكاه ابن أبي زيد في النوادر عن المجموعة لابن القاسم إذا شهد رجلان على السماع وفي القبيل مائة من أسنانهما لا يعرفون شيئا من ذلك لم تقبل شهادتهما إلا بأمر يفشو ويكون عليه أكثر من اثنين إلا أن يكونا شيخين كبيرين قد باد جيلهما فتجوز شهادتهما ونقل الشارح عن أبي إسحاق الشاطبي شرطا لنا وهو أن يكون فيما تقادم عهده وطال زمانه فإنه إن لم يكن كذلك لم يفتقر إليها لأن قصد الزمان مظنة لوجود شهادة القطع إلا أن لا يمكن في العادة شهادة القطع كما في الضرر بين الزوجين قال والتحقيق في الطول الاستناد إلى العرف قلت وتقدم قبل هذه الأبيات متصلا بها بعض ما يتعلق بهذا الشرط
ورابعا وهو كثرة عدد الشهود فلا يقتصر على رجلين لأنه إذا لم يوجد إلا رجلان دل على عدم الانتشار لكن لو كانا من الكبر بحيث باد جيلهما لزالت الريبة والعمل على الاكتفاء بعدلين كما نبه عليه بقوله ويكتفى فيها إلخ
وخامسا وهو العدالة في هؤلاء الناقلين فلا تكفي الكثرة ما لم تبلغ مبلغ التواتر بخلاف من ينقل عنهم فإن الانتشار كاف لشهادة العادة بالصدق في مثله
وسادسا وهو أن يكون المشهود فيه من شأنه الاشتهار وأن لا يختص بمعرفة بعض دون بعض كما في الأنساب والأحباس العامة ونحو ذلك بخلاف الحبس الخاص لمعين فإنه قد لا يشتهر اشتهار الحبس العام ولا بد في نص الشهادة من لفظ الانتشار أو ما يفهم ذلك المعنى
وسابعا وهو كون الاشتهار في موضع الشيء المشهود به وزاد في التبصرة
وثامنا وهو كون الشيء المشهود به تحت يد المشهود له وإنما تنفع لمن الشيء في يده