كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

والثاني على مسألة أخرى وهي إذا حلف يمين القضاء من وجبت عليه ثم تأخر اقتضاؤه للدين فهل تعاد أم لا فأما المسألة الأولى فاعلم أن الفقهاء أوجبوا يمين القضاء على طالب من مات وهو مراده بمن يعدم أو غاب احتياطا على أموال هذين الصنفين لكونهما في الحال لا يدفعان عن أنفسهما لامتناع ذلك منهما إما مطلقا كالميت أو مع إمكان ذلك منه في المستقبل كالغائب وشبهه فقدر الفقهاء على فرض حضورهما أنه لو ادعى كل واحد منهما أنه قضى غريمه ولا بينة له فإن اليمين تجب له على غريمه الطالب فكذلك ههنا
وأما المسألة الثانية وهي إذا حلف هذه اليمين من وجبت عليه فإنه لا تتوجه عليه ثانية ولا يطالب بإعادتها وإن مر على ذلك حين وزمان ما لم يحدث ما يوجبها من اعتراض الشك في باقي الحق مثل ما عرض أولا فإنها تجب ثانيا ويتصور ذلك بعودة الغائب من مغيبه وإقامته مدة بعد حلف طالبه معه في موضع الحكم ثم تعرض له غيبة ثانية فإن يمين القضاء تجب هنا لتجدد ما يوجبها من الشك في بقاء الدين
قال ابن عرفة وشرط الحكم على الغائب بقضاء دين عليه مع قيام البينة عليه يمينه على بقاء دينه إلى حين الحكم له بذلك
قال ابن رشد في نوازله هذه اليمين لا نص على وجوبها لعدم الدعوى بما يوجبها إلا أن أهل العلم رأوها على سبيل الاستحسان احتياطا للغائب وحفظا على ماله للشك في بقاء الدين عليه أو سقوطه عنه
وفي الوثائق المجموعة يحلف بحيث يجب الحلف قائما مستقبل القبلة بالله الذي لا إله إلا هو ما قبضت من فلان الغائب شيئا من الدين الذي ثبت لي عليه عند فلان بن فلان صاحب أحكام كذا ولا قبضت عنه شيئا ولا استحلت على أحد ولا أحلت به أحدا ولا وهبته له ولا شيئا منه ولا قدمت أحدا يقتضيه منه وإنه لباق عليه إلى يميني هذه
وأما الميت والصبي والمجنون ما دام كل واحد منهم بصفته فإنهم لا يقضى عليهم بالديون إلا بعد استحلاف الطالب لهم لكون الميت يستحيل أن يدعي قضاء الدين وكذا الصبي والمجنون ما دام كل واحد منهما بصفته صح من الشارح ثم نقل عن ابن رشد أنه لو حلف الطالب هذه اليمين وتأخر اقتضاؤه مدة طويلة لجميع مال الغائب وبيع عقاره لاحتمال سقوط الدين فتعاد اليمين كما لو كان المدين حاضرا وادعى ذلك على الطالب فأحلفه ثم تأخر تنفيذ القضاء لطول بيع ربعه ثم ادعى الطالب مثل ذلك فإنه يحلفه ثانيا إلى أن قال عن ابن رشد والصواب أن لا تعاد عليه اليمين ثم قال ابن رشد ولا يشبه هذا إذا كان حاضرا فادعى أنه قضاه بعد ذلك أو وهبه إياه لأن اليمين عليه واجبة بنص قوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من أنكر بخلاف اليمين للغائب فلا نص على
____________________

الصفحة 159