كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

16 باب القضاء وما يتعلق به قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب في القضاء وهو فرض كفاية ما نصه قال الأزهري القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه وقال الجوهري القضاء الحكم وعلم القضاء وإن كان أحد أنواع علم الفقه إلا أنه يتميز بأمور زائدة لا يحسنها كل الفقهاء وقد يحسنه من لا باع له في الفقه وهو كالتصريف من علم العربية فإنه ليس كل النحاة يعلم التصريف وقد يحسنه من لا باع له في النحو
وإنما كان فرضا لأنه لما كان الإنسان لا يستقل بأمور دنياه إذ لا يمكن أن يكون حراثا طحانا جزارا إلى غير ذلك من الصنائع المفتقر إليها احتاج إلى غيره ثم بالضرورة قد يحصل بينهما التشاجر والتخاصم لاختلاف الأغراض فاحتيج إلى من يفصل تلك الخصومة ويمنع بعضهم من غرضه ولهذا وجب إقامة الخليفة لكن نظر الخليفة أعم إذ أحد ما ينظر فيه القضاء ولما كان هذا الغرض يحصل بواحد أو جماعة كان ذلك فرض كفاية لأن ذلك شأن فرض الكفاية ا هـ
ابن عرفة القضاء صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين والنفوذ بالذال المعجمة الإمضاء وهو المراد هنا وأما بالدال المهملة فمعناه الفراغ والتمام وقوله نفوذ حكمه
إلخ أخرج به من ليس بتلك الصفات فإنه لا ينفذ حكمه وإنما تثبت الصفة الحكمية للموصوف بعد ثبوت تقديمه للحكم فتقديمه للحكم والفصل إذا كان أهلا هو الموجب لحصول الصفة الحكمية والمراد بالحكم الشرعي هنا هو إلزام القاضي الخصم أمرا شرعيا والإضافة تعينه لقوله حكمه الشرعي وأخرج به غير الحكم الشرعي وليس المراد به خطاب الله تعالى
وقوله ولو بتعديل أو تجريح هو معطوف على مقدر أي بكل شيء حكم به ولو بتجريح أو تعديل ليصير التعديل والتجريح من متعلق الحكم وهو كذلك وخرج بقولنا بكل شيء حكم به الذي قلنا إنه مقدر قبل قوله ولو بتعديل الثبوت والتأجيلات ونحوهما إذ ليست بحكم
قوله لا في عموم مصالح المسلمين أخرج به الإمامة الكبرى لأن نظره أوسع من نظر القاضي لأنه أي القاضي ليس له قسمة الغنائم ولا تفريق مال بيت المال ولا ترتيب الجيوش ولا قتال البغاة ولا الإقطاعات وفي إقامة الحدود خلاف انظر الرصاع
____________________

الصفحة 16